التعليم يؤسس لعادات غير حميدة، تتمثل في عادة الغياب, فقد نشرت وزارة التعليم العام هذه الثقافة بين أبنائنا الطلاب من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية فأصبحت عادات وتقاليد تأثر بها التعليم الجامعي، حيث نقل طلاب المدارس عادة الغياب معهم إلى الجامعة, لأن الطلاب تأسسوا عليها احتضنوها منذ سنوات وتعودوها, وهذا يتم بالتواطؤ مع الإدارة المدرسية في المدارس ثم إدارة التعليم حتى وكالة الشؤون التعليمية ووكالة الشؤون المدرسية شريك في ظاهرة الغياب.
الأمر لا ينتهي بغياب طالب في المرحلة الابتدائية أو المتوسطة أو حتى الثانوية الأمر له امتدادات, لأن هذا الطالب في التعليم العام هو نفسه طالب الجامعة وهو نفسه الموظف والمسؤول في المستقبل القريب, مؤسسات التعليم تدفع لسوق العمل بجيل اعتاد على التسيب والغياب والإهمال والتراخي، فكيف سيكون حال بلادنا وهذا الجيل اعتاد أن يقتص لنفسه إجازة بطريقته التنمرية, وجعل الإدارة المدرسية تتكيف مع ما اقتطعه ورسمه الطالب لنفسه حتى أن المعلم والإدارة لا تستطيع أن تضبط الأسبوع الذي قبل الإجازة ولا الأسبوع الذي يلي الإجازة؛ لأن من يقرر ذلك الطلاب، كما أن الإدارة المدرسية لا تسيطر على الأسبوع الذي يسبق الاختبارات ولحفظ ماء الوجه أطلقت عليه المدارس والجامعات أيام المراجعة التي قد تصل إلى (15) يوما.
الجامعات لها أيضا حكايات أخرى تتعلق ببداية الدراسة هي أسابيع الحذف والإضافة وترتيب الجداول والتسجيل المتأخر ويستمر لمدة أسابيع، وبالتالي هناك أيام عديدة ضائعة.
اللائحة حددت الفصل الدراسي لا يزيد عن (18) أسبوعا ولا يقل عن (16) أسبوعا بما في ذلك أيام الاختبارات لكن الواقع مختلف جدا؛ فالطلاب في التعليم العام يقررون إجازاتهم بنظام الاقتطاع عنوة وبغير رضا الوزارة، وبالتواطؤ والتراخي من قبل الإدارة في المدرسة، فهي تعطى إشارات للطلاب بأن الأيام التي تسبق العطلة هي بحساب العطلة، وبذلك تأسس جيل يدير حياته عبر أجهزة التواصل الاجتماعي التنسيق والترتيب وتحديد أيام العطل.
المؤسف أن جيل التراخي الذي بدأ في المدارس الأهلية وانتشر في التعليم الحكومي وانتقل لطلاب الجامعة هو من سيقود مرحلة بلادنا القادمة، وهو الجيل الذي سيتولى إدارة شأننا العام، وهو الجيل الذي سيتقلد المناصب العليا، الإدارات التشريعية والتنفيذية والتخطيطية, فكيف ستكون حال بلادنا وقد رضع التسيب والتراخي؟ لابد أن نتنبه لقيادات المستقبل ويعاد بناؤها وإعدادها، وأن تكون أيام العمل أيام انضباط ونحترم الخطط الدراسية، وتكون تحت رقابة قوية، يرافقها تطوير في المناهج والمقررات الدراسية ليتم تحويل المدارس إلى بيئة جاذبة لا أن نجعلها بيئة تساعد الطالب على التمرد والتنمر على النظام التعليمي.