يعتبر العصر الذي نعيش فيه، عصرٌ مليئٌ بالمشوشات المنتشرة بين أوساط البشرية، لكنها ما تلبث إلا أن تُكبت بحقائق معتبرة في ضوء الكتاب والسنة، إن المشوشات التي أعنيها في مقالي هذا، تجدها عياناً بياناً عندما يريد الرجلُ أحياء سنة التعدد، فما أن يفكر بذلك إلا أن تسمع لخبره دوياً كدوي النحل بين الناس عامة والنساء خاصة. وأنا إذ أكتب مقالي هذا فإني لن أبحر في حقائق التعدد الشرعية. ولكني سأركز على تلكم المشوشات المنتشرة المجردة من الحقائق المعتبرة.
إن التعدد أخي القارئي/ أختي القارئة: حق من حقوق الرجل المعتبرة شرعاً، كيف لا؟ وقد فرضها المولى بقوله: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}، إن المرأة وإن طاب عيشُها، وفاح ريحُها، وحسُنت عشرتُها، إلا أنها تبقى غريرة فطرية تجعل الرجلُ يُحب التعدد، وبما أن حقائق الشرع المعتبرة تكبت المشوشات المنتشرة، إلا أن ذلكم التشويش من النسوة خاصة تجعلهن يتجاهلن الثمرات التي تجنيها الفتاة من زواجها بالمُعدد، وتتحدثن فقط عن الأخطاء الفردية التي تقع من بعض المعددين وهي قليلةُ جداً، الأمر الذي يجعلهن ينسبن تلك الأخطاء إلى التعدد لا إلى الفرد... فتجد صورة التعدد تتشوه عند معظم النساء بسبب كلامهن، وقد ضبطت الشريعة التعدد بضابط العدل في قوله تعالى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ....}، فالله سبحانه وتعالى أمرنا بالعدل مع الكفار، فضلاً عن رجل مسلم مُعدد قد طرق باب الحلال.
إن أصعب معركة أخي القارئ/ أختي القارئة في حياتك مواجهتك لتلك المشوشات المنتشرة التي لا تُحكمُ عقلاً، ولا تُرجحُ رأياً، ولا تراعي كذلك حقائق الشرع المعتبرة، فلذلك لعلي أُبين ثمرات للتعدد قراءتها لثلاثيني متميز التي أختصرها في ثلاث ثمرات:
الثمرة الأولى: وضوح الحياة: فالرجل المعدد واضح في حياته فليس فيها غموض بخلاف الأعزب والمطلق فأمرهما مجهول.
الثمرة الثانية: بناء المستقبل: فالرجل المعدد لن يُعدد إلا وقد بنى مستقبل حياته بشكل جيد من شراء منزل وتطوير دخله المادي.
الثمرة الثالثة: رجاحة العقل: فالمعدد اعتاد المسؤولية ويقدر الأمور ولا يستعجل في اتخاذ أي قرار إلا بعد تأن ونظر... وخصوصاً في قضايا الطلاق وغيره، أما الأعزب فهو جديد على الحياة الزوجية، فبعضهم يتزوج ولم ينضج بعد، وربما يعجز عن تحمل المسؤولية، أو يتسرع في الطلاق، والمحاكم دليلاً شاهداً على أن معظم المطلقين عزاب.
ختاماً: إن المشوشات المنتشرة من طرح رأي سلبي عن التعدد أو تحريض زوج أو تحريش فتاة... كل ذلك حرية رأي عقيمة خالية من التأصيل الشرعي لانقيادها لهوى النفس البشرية... لكنه ستُبقي شعوراً مؤلماً، فإن التزمت الصمت فستحمل في قلبك عتاباً لمن تحب... وإن تكلمت حين تلقاه فستطفئ ابتسامته. ومن وجهة نظري: فإن الرجل لا يُلام حينما يُعدد، وذلك لأن النساء كالفاكهة: لكل واحدة نكهة وحلاوة وجمال خاص بها، والمحروم من يأكل من نوع واحد طول عمره، فقد تكون حلوة أو مرة، وقد تُمزج بين ذلك كله، فلا تجد طعماً، ولا لوناً، ولا رائحةً... لكن مع ذلك كله إلا أن الزوجة الأولى ستضلُ رفيقة الكفاح، وصاحبة المعروف، وصانعة الوفاء، ومستودع الآلام والآمال، فإن غضبت فلها العُتبى حتى ترضى، ولن ينسى المُعدد فضلها وحقها طيلة عشرتها ورفقتها.