من لم يمت بالسيف مات بغيره
تعدّدت الأسباب والموت واحد
مساء الجمعة 20-5-1435هـ غادرنا في ذمة الله أخي «عبدالعزيز بن عبدالمحسن بن محمد الماضي» رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
الموت حق والخطب جلل وكل نفس ذائقة الموت.. فكيف بي أن أرثي أخي والحزن قد ملأ نفسي والأرق يعتلي ذاكرتي، وبماذا أعبّر عن خلجات النفس ومخيلته لا تفارقني.. هذا وعلى الرغم من أنه من أسناني.. فقد كنت له ابناً بعطفه ورقته، وكان لي أباً بحسن تعامله ورؤاه، فقد وجدته حاضراً منصتاً، وخلته شاكراً مقلاً في حديثه، وتذكّرت قول الشاعر العربي:
ولي عصاة من جريد النخل أحملها
بها أقدِّم في نقل الخطى قدمي
ولي مآرب أخرى أن أهش بها
على ثمانين عاماً لا على غنمي
قرأت سيرته على مدى بضع وسبعين سنة بحلوها ومرها، وكَبَدها وتقلّب أيامها، فأخذتني مواقف وعبر، وحيرتني طرائف وحكم، ولعلي قد اقتبست من هذه السيرة شيئاً من الاستنارة. عانى من إعاقة إثر حادث مروري على مر ست وثلاثين سنة، وكان صابراً شاكراً حاضراً بمشاركاته ومسانداته الأسرية، وصلته وتواصله، ومتابعاً لشأن أسري وهمٍّ اجتماعي. لا يشكو من مرض ولا يفصح عن ألم إلا لطبيبه.. يقوم بالواجب ولا ينتظر رد الجميل. جئته ذات يوم غاضباً من موقف أزعجني، وخرجت منه راضياً مبتسماً.. لجمال نصحه ولاستدلاله بآيات قرآنية، وحكم مأثورة، وشواهد من الشعر والنثر.. لقد كان إحدى مدارسي التي نهلت منها جوانب من الحياة.. فله مني الدعاء بالرحمة والغفران من العزيز الجبار، وصلاح عقبه واقتفائهم لأثره.. إنه جواد كريم.
والله المستعان.