الجزيرة - عبد الله الجديع / تصوير - التهامي عبد الرحيم:
حاسة السمع من أهم وسائل اتِّصال الفرد بمجتمعه، يتم من خلالها اكتساب المعلومات والخبرات منذ الولادة، ومحاور قضية الإعاقة السمعية تتمثَّل في أهمية اكتشاف المشكلة وتشخيصها وتحديد أساليب العلاج وكيفية التعامل مع فئة الصم، لذا دأبت الجمعية السعوديَّة للإعاقة السمعية منذ تأسيسها أن تكون متميِّزة في مد جسور التواصل بين المعاقين سمعيًّا والمجتمع ودعمهم من خلال برامج شاملة ومتخصصة والتعامل مع مشكلة الصم كواقع والإسهام في تذليل الصعوبات والمعوقات التي تواجه المعاق سمعيًّا..
«الجزيرة» قامت بزيارة إلى مقر الجمعية السعوديَّة للإعاقة السمعية في الرياض.
كشف رئيس مجلس إدارة الجمعية السعوديَّة للإعاقة السمعية علي بن راشد الهزاني خلال زيارة «الجزيرة» إلى مقر الجمعية عن قيامهم بابتعاث خمسو وعشرين طالبًا من منسوبي الجمعية إلى الولايات المتحدة الأمريكية يتلقون تعليمهم في مراحل البكالوريوس والدرجات العليا ضمن برنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي بالتعاون مع وزارة التَّعليم العالي في نقلة تُعدُّ الأولى من نوعها في هذا المجال ضمن سلسلة أهداف وضعها مجلس إدارة الجمعية يسعى لتحقيقها حسب الإمكانات المتوفرة لا سيمّا بعد الدعم الكبير الذي تلقوه من قبل خادم الحرمين الشريفين لمشروعات تطويرية أولها:
المكون من عدَّة أقسام (طبي، أمني، تعليمي، فئة الأطفال) ويُعدُّ القاموس حال اكتماله مرجعًا مهمًا لفئة الصم وللمترجمين حيث تسعى الجمعية لإنشائه متضمنًا قرابة 10 آلاف كلمة يعمم لغة الإشارة وينشر ثقافتها بشكل أوسع، إذا أخذنا بالاعتبار أن الجمعية تُعدُّ الأم على مستوى المملكة مسؤولة عن فئة الصُمِّ حيث تتوزع فروعها خارج الرياض وتقدم خدماتها التدريبية والتعليميَّة والتأهيلية للعنصرين الرجالي والنسائي وتقصد الجمعية بفئاتها وحيدة الإعاقة بهدف عدم التشتت والتداخل مع الغير كون هذا الجهد تخصصيًا وهذا لا يمنع استفادة الآخرين طالما لا يؤثِّر على توجُّهات الجمعية، خلال ما يلاحظ من وقوف الفرد حائرًا أمام التعامل مع هذه المشكلة الاجتماعيَّة بسبب عوامل معرفية أو اقتصاديَّة.
طبَّقت الجمعية سياسة العمل الجماعي بصفته المؤسسية أيّ تجمع فئة صغيرة لخدمة فئة كبيرة تقديرًا لحسب درجة استفادة المجتمع منه وقدرته على تغذية احتياجات الصم وضعاف السمع والأهم استفادة المجتمع منهم بعد تقديم الخدمة.
وتهدف الجمعية إلى خلق الظروف التي تُؤدِّي للرقي بفئة الصم في المجتمع السعودي وانصهار كل الحواجز بينها وبين المجتمع مما يستلزم تطوير العوامل التي تُؤدِّي إلى ذلك من خلال الأهداف والخدمات التي خططتها الجمعية على مدى مراحل حالية ومستقبلية.
وأضاف رئيس مجلس إدارة الجمعية قائلاً: إن رصيد خبرات الجمعية في المجال التَّعليمي والتدريبي الذي يمتد لنحو عشرات السنين بات بمثابة مرجعية وطنيَّة لبرامج التَّعليم والتدريب لهذه الفئة، حيث أصبحت مراكز الجمعية ليس فقط حاضنة للصم، بل أيْضًا صروحًا تدريبية للمئات من المتخصصين في مجال تعليم الإعاقة السمعية، علمًا بأن الجمعية بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة قد تَمكَّنت خلال السنوات الماضية من دمج المئات من الصم في مراحل التَّعليم والتوظيف.
خدمات الجمعية:
1 - التدريب والتأهيل
يُعدُّ أحد أهم أهداف الجمعية الذي تسعى من خلاله إلى تدريب وتأهيل المعاقين سمعيًا لسوق العمل حتَّى يصبحوا عوامل منتجة حيث تَمَّ عقد دورات عديدة في مجالات الحاسب الآلي والشبكات، ودورات التأهيل السمعي ولغات الإشارة وغيرها من الدورات التي تمكّن المعاق سمعيًّا من ولوج سوق العمل بشكل مؤهل، وفي هذا الصَّدد افتتحت الجمعية معهدًا خاصًا لهذا الغرض بفرعها في المنطقة الغربية يحمل مسمى (معهد بناء القدرات العالي للتدريب) نال ترخيص المؤسسة العامَّة للتدريب التَّقني والمهني سيتم تعميم التجربة على كافة فروع الجمعية بالمملكة مما يمكنها من تقديم الخدمة لشريحة أكبر زيادة على أعداد الأشخاص الذين تدرِّبوا فترات سابقة وحالية بلغ عددهم قرابة 800 فرد.
2 -التوظيف
اهتمت الجمعية كثيرًا بهذا الجانب واعتنت بشكل مكثف بتوظيف المعاقين سمعيًّا ليكونوا معتمدين على أنفسهم في تسيير أمورهم الحياتية حيث شكَّلت لجنة دائمة من أعضاء مجلس الإدارة تتولى رسميًّا أمر توظيفهم في القطاعين الحكومي والخاص بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة حيث أنهت اللجنة توظيف 825 معاقًا سمعيًّا في عدَّة مجالات، كما تستقبل اللجنة طلبات الراغبين بالتوظيف، وتقوم أيْضًا بمتابعة الفرد بعد توظيفه سعيًا للوقوف على عمله وتعامل الآخرين معه وتذليل الصعوبات التي تواجهه في مجال عمله تعاونًا مع الإدارات المشرفة عليه، كذلك تدرب الجمعية بعض موظفي تلك الجهات على كيفية التعامل مع هذه الفئة.
3 - توزيع الإعانات العينية والماليَّة
لا تقتصر على الإعانات بشقيّها على المعاق نفسه، بل تشمل أسرته نظرًا لما يعانيه البعض منهم وأسرهم كالفقر والحاجة الماسَّة للمساعدة الماليَّة والعينية ويتمثَّل دعم الجمعية عبر عدَّة طرق آتية: توفر الأدوات المساعدة مجانًا - الصرف من أموال الزكاة على المحتاجين حسب مصارف الزكاة الشرعية - تقديم مساعدات ماليَّة للمقبلين على الزواج - صرف مساعدات للمعسرين - مساعدة بعض الطلاب لمواصلة دراستهم الجامعية.
4 - الترجمة ولغة التواصل مع الأصم
نظرًا لصعوبة تواصل الشخص الأصم مع المجتمع بسبب اللغة لكونه يفتقد إلى التعبير مثلما يعبّر الشخص العادي المستمع فكان لا بُدَّ من إيجاد حلول لهذه الإشكالية مواكبة للمتغيِّرات في بيئته التي يعيش بها مدركًا لما يدور حوله، وتقدم الجمعية خدماتها في هذا الجانب في كل من (المؤتمرات والندوات - القنوات التلفزيونية - المحاكم وأقسام الشرط - المشكلات الاجتماعيَّة مع الأسر - المستشفيات) إضافة إلى عقد دورات لاعتماد مترجمي لغة الإشارة من الجنسين بعد اجتيازه الشروط المناسبة.
5 - توعية المجتمع
حتى لا يخسر المجتمع مساهمة هذه الفئة من أفراده تلافيًا لعدم بقائه خلف أسوار إعاقته ويكونون مجتمعًا منغلقًا إذا أخذنا بالحسبان صعوبة الإعاقة السمعية تحديدًا كونها غير مرئية ولا تلاحظ من قبل الآخرين فإنَّ الجمعية تقوم بالتوعية ونشر الثقافة عن طريق الكتيبات الإرشادية، الندوات ذات العلاقة، ورش العمل، البرامج التلفزيونية، المعارض والمهرجانات، الصحف، الإنترنت، شبكات التواصل الاجتماعي.
6 - الكشف المبكر عن الإعاقة السمعية
سعت الجمعية منذ وقت مبكر إلى جعل عملية الكشف المبكر ملزمة لجميع مواليد المملكة كبرنامج وطني انطلقت أولى خطواته بالتعاون مع وزارة الصحة قبل 6 سنوات حيث وفرت الجمعية الأجهزة الخاصَّة بالفحص المبكر وتحمل رواتب الكوادر العاملة في هذا البرنامج الذي نفّذ في كلِّ من الرياض - جدة - الشرقية وتعمل الجمعية على التوسع لتنفيذه في بقية مناطق المملكة.
7 - شراكة الجمعية مع القطاع الحكومي والأهلي
عملت الجمعية على مد جسور التواصل مع العديد من القطاعات للمساهمة في خدمة هذه الفئة مما أثمر عن الاتفاق بين الجمعية وبعض الجهات الحكوميَّة والخاصَّة على العديد من النقاط التي تخدم فئة الصم على سبيل المثال:
وزارة النقل ممثلة بمؤسسة الخطوط الحديدية والنقل العام
وزارة الشؤون الإسلاميَّة عبر تعليمهم العلوم الشرعية وتسيير رحلات الحج والعمرة وتخصيص أوقاف خيرية
وزارة التَّعليم العالي بتوفير مترجمين للمبتعثين خارجيًّا وزيادة فرص ابتعاث الصم داخليًّا وخارجيًّا.
وزارة الخدمة المدنية، توظيف الصم في القطاع الحكومي واعتماد مهنة مترجم لغة إشارة
أمانة منطقة الرياض، تخصيص أراضٍ للجمعية، عمل الإشارات البيئية، توظيفهم في الأمانة.
الجدير ذكره أن الجمعية تواصل جهودها في هذا الجانب لعقد اتفاقيات مع جهات أخرى يمكن أن تخدم الصم وضعاف السمع على مستوى المملكة.
8 - التوسع الأفقي
إيمانًا من الجمعية بأهمية توفير الخدمات للمعاقين سمعيًّا في مناطقهم، قامت بفتح فروع خارج مدينة الرياض وهي كالآتي:
- فرع المنطقة الغربية: مدينة جدة
- فرع المنطقة الشرقية: مدينة الدمام
- فرع محافظة الخرج
وتقوم هذه الفروع بتنفيذ العديد من البرامج التعليميَّة والتأهيلية والثقافية والاجتماعيَّة إضافة إلى جلب التبرعات العينية والمادِّية للمساهمة في تحسين موارد الجمعية، كما تسعى مع الجهات الرسمية إلى افتتاح فروع جديدة بمناطق أخرى في المستقبل القريب بمشيئة الله تعالى.
9 - افتتاح أقسام نسائية
حرصت الجمعية على أن يكون للمعاقة السمعية نصيب وافر في الخدمات التي تقدمها، حيث قامت الجمعية بإنشاء أقسام نسائية تعنى بخدمتهن وتقدم لهن برامج ودورات تدريبية وتأهيلية في العديد من المجالات منها (الرسم - المشغولات اليدوية - التجميل) وتلقى هذه البرامج دعمًا منتظمًا من الجمعية حتَّى تتمكن المرأة الصماء من إيجاد دور فاعل لها في محيط مجتمعها.
10 - عقد الدورات التدريبية للمقبلين على الزواج
من باب المسؤولية الاجتماعيَّة التي تضطلع بها الجمعية تجاه فئة الصم إذا أخذنا بالاعتبار القصور المعرفي لدى فئة الصم وضعاف السمع حول متطلبات الحياة الزوجية وكيفية التعامل بعد الزواج فإنَّ الجمعية تقوم بعقد دورات تدريبية يلقيها عددٌ من المختصين يتلقى الأصم فيها تعاليم عن الحياة الزوجية والطرق الشرعية للتعامل مع الزَّوجة أو الزوج والصعوبات التي قد يواجهونها وكيفية تجاوزها.
11 - التَّعليم الجامعي للصم وضعاف السمع
الغالبية العظمى من فئة الصم تنتهي علاقته بالتَّعليم حينما ينهي مرحلة الدراسة الثانوية حيث لا توجد لهم فرص بالتَّعليم الجامعي في فترات سابقة، لهذا السبب سعت الجمعية لدى الجهات الرسمية إلى ضرورة فتح المجال حتَّى يتسنى للصم إكمال تعليمهم الجامعي مما نتج عن ذلك بداية الدراسة الجامعية للفتيات بكلية التربية للاقتصاد المنزلي والتربية الفنيَّة لتليها الفرصة في الجامعة العربيَّة المفتوحة وتكفلت الجمعية بمصاريف عدد من الطلاب - عبر فاعلي الخير - حتَّى تخرجوا، ثمَّ عقب تلك المراحل فُتح المجال لهم في بقية الجامعات والكليات التقنية وانتهاء بحصول عدد من الصم على فرص ابتعاث إلى الولايات المتحدة الأمريكية نظير جهود الجمعية مع وزارة التَّعليم العالي تحديدًا القائمين على برنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي.
وأشار رئيس مجلس إدارة الجمعية إلى أنهَّم يسعون مستقبلاً لإنشاء مراكز الاتِّصال المرئي (كول سنتر) من أجل خدمة الصم وضعاف السمع في الحالات الطارئة التي تمر عليهم عن طريق الاتِّصال المرئي بلغة الإشارة عبر مترجمين متخصصين مدرِّبين على أعلى مستوى لاستقبال مثل هذه الحالات، كما تعزم الجمعية بالتعاون مع الجهات المعنية العمل على تأسيس قاعدة معلومات عن الصم وضعاف السمع حتَّى تتمكن الجمعية من خدمتهم حسب التوزيع الجغرافي والاستفادة من هذه الإحصاءات في إجراء البحوث والدراسات المختلفة، وتأتي مشروعات القواميس الإشارة المتخصصة وتدريب طلاب الجامعات على لغة الإشارة، من أبرز الأهداف المستقبلية للجمعية.
وعن الشروط المطلوبة للالتحاق بالجمعية ذكر «الهزاني» أن العمر المخصص للأصم يبدأ منذ سن مبكرة حتَّى سن التقاعد كل ما عليه أو من ينوب عنه التقدم إلى أحد فروع الجمعية وتعبئة الاستمارات المخصصة حتَّى يتسنى لهم تسجيله واستخراج البطاقة الخاصَّة بها للاستفادة من خدمات الجمعية.
وفي الختام قدم الهزاني باسمه نيابة عن أعضاء مجلس الإدارة شكرهم وتقديرهم لرئيس تحرير «الجزيرة» الأستاذ خالد المالك - إحدى الشخصيات الفخرية للجمعية- على جهود الصحيفة وتعاونها الإعلامي مع أنشطة الجمعية وإبراز الجهود بشكل أوسع.