الإخلاص من مقومات الأمم وعامل فعّال في حياة الأمة وتكوينها لحياة فاضلة ونهج مستقيم وسلوك كريم على أسس متينة من الأخلاق الكريمة والقيم الرفيعة والمثل المجيدة.
فالإخلاص من الصفات النبيلة الجليلة التي تدفع الإنسان نحو الكمال وترتفع به إلى ذرى المجد والخير وتسمو به إلى معارج الشرف.
ويقاس الأفراد دائماً بما يتحلون به من أخلاق وفضائل وإخلاص واستقامة والإخلاص من الصفات الجليلة التي ينبغي أن يتحلى بها المرء، فهو دلالة على النضوج والإيمان فيجب أن تمتلئ القلوب بذلك.. ويقول رسول الهدى عليه الصلاة والسلام «إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم».
ولقد كان في طليعة ما عني به الإسلام تربية روح الإخلاص في الفرد وغرس ذلك في روحه ووجدانه وذلك للحيلولة دون شطحات النفس ونزواتها وما يترتب على ذلك من سوء وضرر.
ويقول الله تبارك وتعالى مؤكداً دور الإخلاص: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}.
فالإخلاص يقود إلى الخير ويرشد إلى الطريق المستقيم ومحاسبة النفس عن كل تقصير، فبالإخلاص يدرك المرء سعادته ويحس بالهناءة والسرور، وعلى العكس من ذلك يجد الشقاء ويواجه العناء.
ولقد رسم لنا القرآن الكريم النهج الفاضل لذلك مما يدل دلالة واضحة وبارزة على أن للقرآن الكريم الأثر البعيد في تربية روح الإخلاص وتعميقها فمن ذلك قوله تعالى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}.
كما ورد في السنة المطهرة أحاديث كثيرة في هذا المعنى ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام «الإخلاص سر من أسراري استودعته قلب من أحببته من عبادي».. وفي حديث آخر من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده لا شريك له وأقام الصلاة وآتى الزكاة فارقها والله راض عنه.
فيجب أن نكون أقوياء في إخلاصنا وأعمالنا ولا نرضى بالضعف والسلبية والجمود والرياء والنفاق، فنجاح الناجحين في أعمالهم يرجع إلى إخلاصهم في أعمالهم وحبهم لذلك، وإقبالهم على أعمالهم بحب شديد ونفس صافية مطمئنة دون سأم أو ملل أو تضجر، فتجدهم يتنافسون ويتسابقون على تحسين أعمالهم والابتكار والتجديد في ذلك، ويشعرون بالسعادة الحقة وهم يؤدون ما طلب منهم ووكل إليهم في أمانة وإخلاص.
أما الإهمال والكسل فإنه يورث الفوضى ويبدد الجهد ويشتته ويسبب الأخطاء ويجعل العمل ناقصاً غير متكامل.
إن بعض الأفراد لا يكترث بالواجب ولا يهتم بما أنيط به ولا يعني بما يوكل إليه مما يعرضه للفشل والإخفاق، وضروب الأمثلة على ذلك معروفة فيجب ألا نتخلى عن صفات الإخلاص لنجاحنا في أعمالنا، إذ النجاح في ذلك قوة لنا ولبلادنا وأمتنا، فهو مطلوب من الطبيب والمهندس والمعلم والتاجر والعامل والموظف والكاتب، والطالب، وغيرهم من طوائف المجتمع وفي الحديث «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى».
ويقول الشاعر العربي مشيداً بالإخلاص وأهميته:
عليك بالصبر والإخلاص في العمل
ولازم الخير في حل ومترحل
فمن أخذ نفسه بذلك وسار في دروبه ودرج في طريقه كان ذلك عاملاً من عوامل نجاحه وصلاحه.
والله الموفق والهادي إلى أقوم طريق،،،