بين الحقيقة والخيال..
وبين الواقع والسراب..
وبين المحبة والمجاملة، أقف اليوم مستشرفاً من أعلى قمة حب يمكنني أن أُمارس طقوسها، أن أرتشف من معينها، أن أتفيأ ظلالها، أقف ناظراً بقلبي، مستمعاً بعيني، مرتوياً حباً ما كنت أحيط به ولا أدرك ضخامته.
وقفت ووقف معي أشقاء وأبناء وأشقاء الأشقاء وأبناء الآباء، وفلسفة الحب الذي أعقله، وأردد أنشودته منذ طفولتي إلى طفولة ولدي وولد ولدي، وسرمدي العلاقة ووشائج القربى.
لم أكن مردداً - جزى الله الشدائد عني كل خيرٍ...- بل كنت أقول: لك الحمد ربي حمداً يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك، حمداً ملء السموات والأرض وما بينهما، فمن عرفت محبته وفضله جاء في فرح، متوشحاً إشراقة وجه، وابتسامة ثغر مرسلاً باقات من رسائل الحب والمودة والتقدير، من شرق البلاد وغربها ومن جنوبها وشمالها، أصدقاء لا يرجون إلا تجذير هذه المحبة وتمكينها من القلوب، ومن كبار المقامات والمسؤوليات، ومن كبار السن الذين جاءوا يتوكئون على عقود من الزمن قبل أن يتوكؤوا على عصيهم، هذا الزمن الذي لم يكن إلا زمن المحبة التي بذرها الآباء وجنينا ثمرتها نحن الأبناء، وها نحن نحاول أن نفعل ما فعل الأولون ببذر المحبة والصلة والتواصل.
ستون دقيقة ومعها ستون وستون كانت كل ثوانيها تغمرني ومن معي من الأشقاء والأبناء وأبناء العم والخال بماطر هتان من ورود المحبة الفواح من وجوهكم المضيئة وحضوركم الجميل.
أيها المساء كم كنت وفياً في مشاعرك المتوهجة الصادقة، وكم كنتُ سعيداً بكل ثوانيك ودقائقك المكتسية بهذه المشاعر الفياضة.
تحدثوا عن الثراء المادي، وتحدثتُ عن الثراء الحقيقي، ثراءكم أنتم بحبكم وصدق مشاعركم، ثراء لا يمكن أن ينضب، لغزارة تدفقه، وتعدد منابعه.
اتصل بي شيخ جليل كبير القدر والمقام معتذراً لعدم تشريفه مساءنا لعارضٍ صحي، فغمرني بحبه ولطفه وتواصله، دعوت له بالعافية لنتعلم منه الوفاء وشيم الكرام، رجل منذ أن عرفته وهو للدعوة مجيب، وللفضل سيد وصنديد، سعادته أن يجيب ويُجاب.
أيها المساء كم أثقلت كاهلي بهذه الديون الجميلة الفواحة أجمل ما يكون الورد والياسمين، ديون الحب والوفاء من شرق البلاد إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، أنه الحب..إنه الوفاء. دمت بحب.. دمت أوفياء.