نشرت مقالاً في السابق أفدت من خلاله أن عددا من الدراسات تشير إلى أن المملكة العربية السعودية هي من أقل الدول في تكلفة المعيشة، ومن تلك الدراسات قيام وحدة الدراسات التابعة للإيكونوميست بإصدار نتائجها -مؤخراً-
حول تكلفة المعيشة في جميع أنحاء العالم، وتقام هذه الدراسة مرتين كل عام، وتستخدم الكثير من الإحصائيات المختلفة لمعرفة تكلفة المعيشة في 131 مدينة حول العالم، وقد أظهرت النتائج الأخيرة أن قائمة أغلى المدن شملت كوبنهاغن بالدنمارك، تلتها طوكيو في اليابان ثم ملبورن في أستراليا ثم جنيف في سويسرا، في حين جاء ضمن لائحة أرخص المدن التي كان أغلبها في آسيا مدينتين من مدن المملكة، وهي الرياض وجدة كما شملت مدنا أخرى مثل بنما، والجزائر.
وفي ديسمبر الماضي أجرت الشركة العالمية لاستشارات الموار البشرية اي سي ايه مسحاً لتكلفة المعيشة الجديد، حلت فيه مدينتا الرياض وجدة في المرتبتين 219 و227 عالمياً بتكلفة المعيشة للوافدين، وجاء ترتيب الرياض وجدة في المركزين 11 و14 عربياً بتكلفة غلاء المعيشة، فيما حلت العاصمة الأردنية عمان المرتبة الأولى عربياً تلتها بيروت ثم دبي والكويت وأبوظبي ثم الدوحة ثم مسقط.
وفي دراسة للحكومة البحرينية عن أسعار السيارات وقطع الغيار جاءة المملكة العربية السعودية الأولى، من حيث أقل الأسعار للسيارات وقطع الغيار في حين كانت سلطنة عمان الأولى من حيث غلاء الأسعار.
وأرجعت الدراسة هذه النتيجة إلى عوامل عدة، من أبرزها حجم الاستيراد لدى كل وكالة، وتفاوت أداء العملات واختلاف سعر الصرف لعملة الدولة المصنعة أو المصدرة للسيارات مقابل عملة الدول المستوردة لها.
نعم تكلفة المعيشة قد تكون الأقل وفق ما سبق من دراسات دولية غير أن هناك الكثير من المشكلات المعيشية الأخرى التي تؤثر على هذه النتيجة بشكل مباشر وفي مقدمتها مشكلة ارتفاع سعر الأراضي والمساكن التي لم يتم الوصول إلى حل جذري لها منذ عشرات السنين وهي مشكلة ترتبط بأحد أساسيات المعيشة ففي الوقت الذي يصرف فيه معظم الدخل كإيجارات في المساكن نجد هناك أراضي بيضاء لبعض الأغنياء لم تستخدم منذ عشرات السنين.
نعم تكلفة المعيشة هي الأقل ولكن هناك مشكلة توفير فرص العمل للشباب والشابات فالبعض لا يملك عملاً وإن وجد العمل فإن الرواتب الشهرية والدخل الذي يحصل عليه لا يقارن بالدخل الذي يمكن أن يجده في دول أخرى، خصوصاً بعض دول الخليج، ولذلك فحتى لو كانت تكلفة العيشة هب الأقل فإن الدخل يعد لمعظم الموظفين قليل ولا يغطي احتياجات المعيشة من أكل وشرب وملابس التي ارتفعت أسعارها بشكل لا يتوازى مع حجم الدخل الموجود.
نعم نحن من أقل الدول في تكلفة المعيشة غير أن البعض لا يزال يعاني من مشكلة العلاج وتوفير الدواء، خصوصاً لمن يضطروا للجوء للمستشفيات الخاصة.
نعم نحن الأقل في تكلفة المعيشة، ولكن ما ذكرت من مشاكل يعاني منها المواطن العادي تلغي هذه الميزة ولا تجعل لها قيمة تذكر، بل تجعل هذه الميزة مقدمة لمن يأتي من خارج الوطن ويكون لديه دخل مرتفع ورواتب عالية ليستمتع بالأسعار هنا مقارنة بحجم دخله، لذلك فحتى نجعل من قلة الأسعار قيمة فعلية علينا المساهمة في إيجاد حلول عاجلة وسريعة لمشكلات السكن وضعف الرواتب وتوفير العلاج وغيرها من المشكلات الأخرى التي يعاني منها المواطن، فليست العبرة في قلة الأسعار بل في نسبة ما تستهلكه التكاليف المعيشية من دخلك الشهري.