تزامناً مع الذكرى التاسعة لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، شهد القطاع الصناعي في المملكة تطوراً مطّرداً تحققت من خلاله إنجازات كبيرة، ويرجع ذلك إلى الدعم الكبير الذي يجده من حكومة خادم الحرمين الشريفين. وينبع هذا الدعم من القناعة بفاعلية الدور الذي يؤديه هذا القطاع لتحقيق الأهداف الإستراتيجية والاقتصادية للمملكة. وقد اشتملت جهود الدولة في دعم التنمية الصناعية على عدة محاور أساسية كان من ضمنها إنشاء صندوق التنمية الصناعية السعودي. وقد أدى الصندوق بوصفه أحد مؤسسات التنمية الرئيسية بالمملكة، دوراً كبيراً وفعالاً في دعم وتطوير هذا القطاع الحيوي والهام، حيث يمثل الحصول على التمويل أحد أهم التحديات التي تواجه توسع الأنشطة الاقتصادية والصناعية على وجه الخصوص. وقد مكّن الصندوق منذ إنشائه المشروعات الصناعية من تخطي هذا التحدي بتقديم القروض للمشروعات الصناعية بمختلف أحجامها (الكبيرة والمتوسطة والصغيرة).
وقد باشر الصندوق أعماله اعتباراً من العام 1394هـ (1974م) لتحقيق الأهداف المنوطة به ضمن ضوابط وإجراءات وسياسة إقراضية محددة حسب ما ورد في المرسوم الملكي الكريم برأسمال مبدئي قدره خمسمائة مليون ريال تم رفعه على مراحل حتى بلغ في عام 1401- 1402هـ سبعة مليارات ريال. وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز- حفظه الله - تم رفع رأس مال الصندوق إلى عشرين مليار ريال، ثم تم رفعه مرة أخرى ليصبح أربعين مليار ريال لتلبية احتياجات تمويل القطاع الصناعي الخاص. ويسعى الصندوق في إطار دعمه للتنمية الصناعية في المملكة إلى تحقيق عائد استثماري جيد، وقيمة مضافة مناسبة، وإحلال المنتج الوطني محل الواردات، وتعزيز الصادرات الصناعية غير النفطية ، واستغلال المواد الخام المحلية، واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية ونقل وتوطين التقنية، ومراعاة سلامة البيئة.
ويقوم الصندوق منذ إنشائه - بالتعاون مع المؤسسات الحكومية الأخرى ذات العلاقة - بدور ريادي في تحقيق أهداف وسياسات وبرامج التنمية الصناعية بالمملكة الموجهة لدعم القطاع الخاص في مجالات الصناعات التحويلية. ويعتبر الدعم المالي المدروس للاستثمار الصناعي الذي يقدمه الصندوق من خلال تقديم القروض الصناعية أحد أهم أدوار الصندوق في دعم التنمية الصناعية بالمملكة. وكان للاستجابة الجيدة من قبل القطاع الخاص في هذا الخصوص الأثر الفاعل في بناء وترسيخ القاعدة الصناعية بالمملكة. وبالإضافة إلى تقديم القروض، يوفر الصندوق للمشاريع المُقترضة العديد من الاستشارات الفنية والمالية والإدارية والتسويقية والتي تسهم في رفع مستوى الأداء في هذه المشاريع وتساعدها على التغلب على المشاكل التي تواجهها.
ونستعرض فيما يلي أهم ما تم إنجازه في مجال النشاط الإقراضي بالصندوق خلال الفترة منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم وحتى نهاية العام المالي 1434- 1435هـ (2013م) :
لقد حقق الصندوق خلال عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود قفزة نوعية في نشاطه الإقراضي وذلك من خلال تحقيق أرقام قياسية غير مسبوقة في حجم الإقراض للمشاريع الصناعية خلال الأعوام المالية التسعة الماضية. حيث بلغ إجمالي عدد القروض التي اعتمدها الصندوق للمشاريع الصناعية منذ بداية العام المالي 1425- 1426هـ وحتى نهاية العام المالي 1434- 1435هـ (974) قرضاً قدمت للمساهمة في إقامة (692) مشروعاً صناعياً جديداً وتوسعة (282) مشروعاً صناعياً قائماً ، وقد بلغت جملة المبالغ المعتمدة من هذه القروض خلال الفترة المذكورة (63.980) مليون ريال.
وبالنظر إلى إجمالي اعتمادات الصندوق خلال عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - (منذ العام المالي 1425- 1426هـ وحتى نهاية العام المالي 1434- 1435هـ)، فإننا نجد أن إجمالي قيمة اعتمادات الصندوق خلال هذه الفترة تعادل ما نسبته 133% من إجمالي اعتمادات الصندوق منذ تأسيسه في عام 1394هـ وحتى نهاية العام المالي 1424- 1425هـ، أي أن قيمة اعتمادات الصندوق خلال هذه الفترة القصيرة نسبياً (تسع سنوات) تجاوزت قيمة اعتمادات الصندوق خلال (30) عاماً. كما بلغت قيمة المنصرفات من هذه القروض ما نسبته (129%) من إجمالي منصرفات القروض منذ تأسيس الصندوق وحتى نهاية العام المالي 1424- 1425هـ. أما إجمالي المبالغ المسددة من القروض فقد بلغت ما نسبته (95%) من جملة التسديدات منذ إنشاء الصندوق وحتى نهاية العام المالي 1424- 1425هـ. وهذا بلا شك يعطي صورة واضحة لما أنجزه الصندوق خلال السنوات المالية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - ،كما يشير أيضاً إلى نجاح مشاريع القطاع الصناعي التي مولها الصندوق.
وما كان لهذا الحجم من الإقراض أن يتحقق لولا الدعم المتواصل من لدن حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وخاصة بعد أن تم رفع رأسمال الصندوق تدريجياً من (7) مليارات ريال إلى (20) مليار ريال حتى وصل إلى (40) مليار ريال، وبعد أن ارتفع الحد الأعلى لقرض الصندوق من (400) مليون ريال إلى (600) مليون ريال، ثم ارتفع مرة أخرى إلى (900) مليون ريال في المدن الرئيسية وإلى (1.2) مليار ريال في المناطق والمدن الأقل نمواً. ونتج عن ذلك أن ارتفعت اعتمادات الصندوق السنوية وكذلك المبالغ المنصرفة والمسددة سنوياً من المشاريع الصناعية خلال عهد خادم الحرمين الشريفين.
وحرصاً من الدولة بنشر التنمية الصناعية في كافة مناطق ومدن المملكة ،فقد صدر قرار مجلس الوزراء الموقر القاضي برفع نسبة تمويل الصندوق للمشاريع الصناعية الواقعة في المناطق والمدن الأقل نمواً بما لا يزيد عن 75% من تكلفة المشروع بدلاً من 50%، وكذلك تمديد فترة سداد القرض للمشاريع المقامة في تلك المناطق والمدن بما لا يزيد عن (20) سنة بدلاً من (15) سنة. وتفعيلاً لقرار مجلس الوزراء الموقر، فقد أعتمد مجلس إدارة صندوق التنمية الصناعية السعودي الضوابط الخاصة لتمديد نسب تمويل المشاريع في المناطق والمدن الأقل نمواً. وقد نتج عن تطبيق هذه الضوابط أن بلغت نسبة القروض التي اعتمدها الصندوق للمشاريع الصناعية التي تقع في المناطق والمدن الأقل نمواً خلال العام المالي 1434- 1435هـ ما يعادل 50% من عدد القروض و66% من إجمالي قيمتها خلال العام ، وبذلك بلغ إجمالي قروض الصندوق للمشاريع المقامة في المناطق والمدن الأقل نمواً منذ تطبيق الضوابط الجديدة للتمويل وحتى نهاية عام 1434- 1435هـ ما يمثل 42% من حيث العدد و38% من حيث القيمة للقروض التي اعتمدها الصندوق لجميع مناطق المملكة، علماً بأن هذه النسبة لم تكن تتعدى 14% من إجمالي عدد قروض الصندوق و15% من قيمتها قبل تطبيق الضوابط .
وفي مجال القوى البشرية والتدريب، فقد واصل الصندوق نهجه المتميز في استقطاب وتوظيف الكفاءات السعودية وتأهيلها في مختلف المهن والتخصصات ذات العلاقة بطبيعة العمل بالصندوق، حيث ترتبط عمليات التوظيف ببرامج تطوير الكفاءات والتدرج الوظيفي التي تغطي مجالات التحليل المالي، مراجعة الحسابات، تقنية المعلومات، الدراسات الاقتصادية والإحصائية، التسويق، المحاسبة المستندية والعلوم المالية، الإدارة، الدراسات والاستشارات الفنية، تحليل المعلومات، الدراسات القانونية وغيرها.
وقد بلغ عدد البرامج التدريبية التي تم تنفيذها للموظفين السعوديين في الداخل والخارج في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال الفترة (1425- 1426هـ - 1434- 1435هـ ) 4458 برنامجاً تدريبياً بما في ذلك الدورات الأساسية المتخصصة والماجستير والدورات القصيرة وحلقات النقاش والمؤتمرات المهنية والدورات التدريبية الداخلية بالصندوق.
ونظراً لما يتمتع به الصندوق من أنظمة إدارية ومالية متطورة فقد تمكن من تنفيذ برامجه المقررة لتوظيف السعوديين ، حيث تم توظيف 1019 موظفاً سعودياً خلال عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - .
برنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة:
بدأت انطلاقة برنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في العام المالي 1426- 1427هـ حيث عهدت وزارة المالية إلى صندوق التنمية الصناعية السعودي بإدارته بالتعاون مع البنوك التجارية المحلية المشاركة في هذا البرنامج. وقد اعتمدت إدارة البرنامج خلال العام المالي 1426- 1427هـ إصدار (51) كفالة بمبلغ (22) مليون ريال مقابل اعتمادات تمويل قدمتها البنوك بمبلغ (49) مليون ريال لصالح (36) منشأة صغيرة ومتوسطة. كما شهد العام الـمـالي 1427- 1428هـ وهو العام الثاني لانطلاقة البرنامج ارتفاعاً كبيراً في عدد الكفالات، حيث اعتمدت إدارة البرنامج إصدار (264) كفالة تفوق بخمسة أضعاف الكفالات التي أصدرت في العام المالي الأول للبرنامج وذلك بمبلغ إجمالي قدره (125) مليون ريال مقابل اعتمادات قدمتها البنوك للمستفيدين من هذا البرنامج بمبلغ (272) مليون ريال استفاد منها (211) منشأة صغيرة ومتوسطة.
وقد تضاعفت أعداد وقيم هذه الكفالات في السنوات الأخيرة خاصة بعد أن تم رفع الحد الأعلى للكفالة من 50% إلى 80% من قيمة التمويل المقدم للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بحيث لا يزيد مبلغ الكفالة عن مليون وستمائة ألف ريال. كما يمكن للمنشأة الواحدة الحصول على أكثر من تمويل بكفالة البرنامج وذلك على النحو التالي :
- بالنسبة للمؤسسات الفردية يكون الحد الأعلى لمجموع قيمة الكفالات لكل مؤسسة فردية خمسة ملايين ريال.
- بالنسبة للشركات يكون الحد الأعلى لمجموع قيمة الكفالات عشرة ملايين ريال .
وبنهاية عام 1434- 1435هـ بلغ تراكمي الكفالات التي أصدرها البرنامج (7280) كفالة بقيمة إجمالية قدرها (3.590) مليون ريال مقابل اعتمادات تمويل قدمتها البنوك تحت مظلة البرنامج بمبلغ (7.184) مليون ريال لصالح (4082) منشأة صغيرة ومتوسطة.