يرحب الشعب بالذكرى العطرة لمبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ملكاً للمملكة العربية السعودية، نعم، يرحب بهذه الذكرى المتجددة في كل سنة لأنها تذكر كل فرد من أبناء المملكة بذلك اليوم المجيد الذي اعتلى فيه عبدالله بن عبدالعزيز عرش المجد والعزة والمنعة والإباء، كيف لا يتذكرون هذا اليوم المجيد وهو يوم ثبات على الحق وسير في طريق الصواب واستقامة على المحجة، لقد سار الملك أيده الله منذ توليه المُلْك قبل تسع سنوات في طريق الاعتدال والإنصاف وإعطاء كل ذي حق حقه، فالبلاد مطمئنة والقلوب يملؤها الحب للوطن ولراعي الوطن عبدالله بن عبدالعزيز، إن هذا الصخب الذي يحيط بنا من كل جانب لم يزدنا إلا ثباتاً لأننا نسير في طريق نعرفه أبعدنا عن التخبط واجتلاب المناهج من الشرق أو الغرب، لقد نفذ الإرهاب في سنوات مضت إلى هذه البلاد، ومع قسوته وشدته فإنه قُوبل بالحكمة والتوجيه والتعليم لأن القائمين على هذه البلاد ليس من منهجهم البطش وإنما منهجهم التوجيه، لقد صبر رجال الأمن على الأذى من الطائشين ولم يقابلوهم بمثل أفعالهم وإنما يحاسبون بحكم الشرع بعد الأناة والاستماع إلى اعترافاتهم، هذه توجيهات خادم الحرمين الشريفين، إن الدول الثابتة لا تسلم من أفعال الطائشين فهي تحدث ولكن الدولة تحتويها بحكمتها.
لقد عانت الدولة الأموية من حركات الخوارج مع عزتها واتساع ملكها الذي يمتد من غربي فرنسا غرباً إلى مشارف الصين شرقاً، وقد امتدت تلك المعاناة ولكن الدولة لم تتأثر بتلك الحركات التي تحدث في كيان الدولة ووسط ممتلكاتها، فجيوش الدولة ترابط في الثغور أما حركات الخوارج فتقمع بالجيوش الصغيرة، والمملكة العربية السعودية دولة ثابتة الأركان عزيزة الجانب قوية بالاعتماد على الله ثم على أبناء شعبها الذين يذودن عن تراب الوطن بكل ما يملكون تحت راية قائد المسيرة الملك المبجل عبدالله بن عبدالعزيز، لقد وُجِّهت السهام الإعلامية من المحطات الفضائية والصحف وأدوات البث الفضائي على اختلاف أسمائها إلى المملكة العربية السعودية، ولكنَّ تلك السهام ترتد إلى أصحابها خائبة لأن الكذب لا يمحو الحقائق والزبد يعلو الماء ولكنه يضمحل ويزول فيبقى الماء صافياً زلالا لم يكدره الزبد، إن خادم الحرمين الشريفين تصحبه النية الحسنة (إنما الأعمال بالنيات) وصاحب النية الحسنة لا يقول إلا الصدق ولا يخطو خطوة إلا في سبيل الخير، لقد بحث خادم الحرمين الشريفين عن الفقراء والمحتاجين ووقف على أحوالهم وأمر بالإحسان إليهم ومعالجة أوضاعهم، إنها سيرة عطرة ترافق سنين عمره المديد، أمد الله فيه وأسدل عليه ثوب الصحة وسربال العافية.
لقد مثَّل خادم الحرمين الشريفين لقبه المبجل: (خادم الحرمين الشريفين) خير تمثيل حين دأب على خدمة المدينتين المقدستين مكة المكرمة، والمدينة المنورة، منذ أن تولى المُلْك إلى يومنا هذا في ذكرى مبايعته التاسعة، فقد كان همه أيده الله راحة الحجاج والمعتمرين فبدأ بتسهيل الرمي في الجمرات التي كان يموت فيها المئات في كل عام، وبعد هذا البناء الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين سهل الرمي وقلت إصابة الزحام، بل إن السنة تمر ولا نسمع بوفيات في الجمرات، ثم إن زحام الانصراف من عرفات خف كثيراً بعد سير القطار من عرفات إلى منى، وقد كان خادم الحرمين الشريفين يتابع سير العمل في سكة الحديد وفي اجتلاب القاطرات، وها هي الآن تسير كما خطط لها، ومن مآثر خادم الحرمين الشريفين في خدمة الحرم الشريف بناء المطاف الذي يبني لأول مرة في تاريخ المسجد الحرام، والطواف هو المكان الثاني للزحام بعد الجمرات، ومن طاف طواف الإفاضة يوم العيد عرف الزحام على حقيقته، فمن عثرت به رجله فإنه لا يستطيع القيام، أما تقبيل الحجر فإنه بعيد المنال إلا لمن أوتي بسطة في الجسم وقوة في الجسد، والطائف طواف الإفاضة لا يطمع في تقبيل الحجر الأسود فكل ما يطمع فيه تأدية نسك الطواف، وقد رأى خادم الحرمين الشريفين بناء المطاف للإسهام في تعدد الأماكن التي يؤدي فيها نسك الطواف، والأعمال في المسجد الحرام قائمة بعد توسعة المسعى، فالتوسعة في الحرم يشاهدها الحجاج والمعتمرون، فالعمل لا يهدأ في الليل أو في النهار حرصاً من خادم الحرمين الشريفين على إتمامه لراحة الحجاج والمعتمرين وهذه التوسعة للمسجد تجاوزت التوسعات السابقة، أثاب الله خادم الحرمين الشريفين على ما قام به في المسجد الحرام، وأما أعمال خادم الحرمين الشريفين في مكة المكرمة فكثيرة منها: توفير السكن للحجاج والمعتمرين، فقد شيدت البنايات في الجبال وارتفعت في طوابق متعددة، بالإضافة إلى الاهتمام بالطرق في مكة المكرمة حيث حفرت الأنفاق في جبال مكة مما يسَّر الاتصال بين الأحياء، وقد كان متعذراً قبل وجود الأنفاق، والاهتمام بمكة المكرمة امتداد للاهتمام بالمدينة المنورة، فتوسعة المسجد النبوي الشريف قائمة، والاهتمام بطرق المدينة من أولويات اهتمامات خادم الحرمين الشريفين،ثم إن الطرق التي تربط المدينتين المقدستين تأتي في مقدمة الاهتمام بالطرق في المملكة العربية السعودية، والاهتمام بمطارات وموانئ الحاج مُقدَّم على غيره، فمطار الملك عبدالعزيز في جدة له الأولوية على غيره وميناء الملك عبدالعزيز في جدة مقدم على غيره دائماً؛ لأنه هو الذي يستقبل الحجاج والمعتمرين القادمين من خارج المملكة العربية السعودية، وخادم الحرمين الشريفين يهتم بالمسلمين في كل مكان، بالإضافة إلى الاهتمام بهم في المشاعر المقدسة لتأدية النسك، فلا تحدث كارثة من زلزال أو فيضان أو هضم لحق الأقليات إلا بادر الملك بالمساعدة للتقليل من تبعات ما يصيب المسلمين في أي أرض يقيمون عليها.
ويأتي اهتمام خادم الحرمين الشريفين بمدن وقرى وطرق المملكة تالياً لاهتمامه بالأماكن المقدسة، فقد أمر حفظه الله بإنشاء قطار الشمال، فبنيت سكة الحديد ووصلت إلى الرياض بطول ألف وثلاثمائة كيل، وسارت العربات على القضبان في الجزء الشمالي، وأمر حفظه الله بإنشاء قطار الرياض داخل المدينة، وقد شُرِعَ في بنائه، وما هي إلا سنوات ويُسهم في فك الاختناقات المرورية في مدينة الرياض، ومما استبشر به المواطنون ويتزامن مع الذكرى العطرة للبيعة الإسكان، فهو هم الشباب أولاً ثم هم جميع المواطنين ثانياً، وقد مَنَحَ خادم الحرمين الشريفين وزير الإسكان والعاملين معه حرية ا لعمل وأفسح لهم صرف ما يحتاجون إليه فلم يبق إلا الجد في العمل، وقد سمعنا وقرأنا ما يدل على الجد، والمواطنون يرهفون السمع ويحدِّقون في الفضائيات في كل ما تعلنه وزارة الإسكان، فلعل الآمال المنوطة بهذه الوزارة تتحقق عن قريب، فخادم الحرمين همه راحة المواطن في سكنه أولاً، ثم راحته في معيشته وطريقه وفي كل شؤون حياته، ومن المشروعات الخادمة لأبنائنا وبناتنا بناء لجامعات، فقد اكتمل البناء في مدينة الطالبات في جامعة الملك سعود وانتقلت الطالبات من عليشة إلى المدينة الجامعية ضمن مباني الجامعة في الشمال الغربي لمدينة الرياض واكتمل البناء في مدينة الطالبات في جامعة الإمام حيث استقبلت الطالبات في جميع الأقسام، وبناء الجامعات يسير على قدم وساق في جيزان والجوف وحائل، وقد امتد الاهتمام بمقار الجامعات والكليات إلى المحافظات، فهناك جامعة المجمعة وجامعة شقراء وجامعة الأمير سلمان في الخرج، إنه البناء الذي لا يهدأ والصخب الذي تُنْتظَر نتائجه، وعلى الرغم من النشاط في بناء الجامعات فإن ما يقابلها من بناء المدارس لا زال يسير سير السلحفاة، فالمدارس المستأجرة أكثر من المبنية، وما يقال في وزارة المعارف يقال في وزارة الصحة فالمراكز الصحية جُلُّها مستأجرة وتمر السنون والأعوام، وكأن وزارة الصحة ليست من ضمن موازنة الدولة، ومن مظاهر البناء في عهد خادم الحرمين الشريفين بناء المدن الاقتصادية فالمدينة الاقتصادية في مدينة الرياض شارفت على الانتهاء، وهي مدينة متكاملة بعماراتها الشاهقة ومرافقها المكتملة، فمظهرها يوحي بالجد في العمل والحزم في البناء ومسابقة الزمن في فتح أبواب هذه المدينة، التي تعد من عزمات خادم الحرمين الشريفين، وعزماته الجادة بنت جامعة نورة في زمن قير فاختصرت المسير وسهلت العسير، إنها عزمات الرجال ووثبات أصحاب الجد والوصول إلى الهدف، وقد أصبحت جامعة نورة والمدينة الاقتصادية من معالم مدينة الرياض وعنواناً للتقدم الحضاري والرقي الاجتماعي، ومن اهتمامات خادم الحرمين الشريفين تطوير المجتمع المتمثل في فتح مجالات للمرأة للمشاركة في الرأي والعمل الجاد فدخلت المرأة في مجلس الشورى بعد أن شاركت في مجالس الجامعات وفي إدارة البنوك فالمرأة اليوم تعمل مع الحفاظ على دينها وسمتها، وخادم الحرمين الشريفين فتح أبواب الثقافة، فهناك الجنادرية، وسوق عكاظ ومعرض الكتاب، بالإضافة إلى السياحة التي بهرت العالم، فبلادنا تحوي من الكنوز التراثية الشيء الكثير، وقد أصبحت المملكة جزءاً من العالم تتفاعل معه عن طريق الانفتاح الفضائي والاتصالي كل ذلك بسبب إفساح خادم الحرمين الشريفين الرؤية للإعلاميين وأصحاب الرؤى الأخرى، وكل تلك الأمور تسير بضوابط فالأمن مطلب للمواطن والمقيم على أرض المملكة.
حفظ الله خادم الحرمين الشريفين وأمد في عمره ومتعه بالصحة والعافية فهو صاحب اليد الطولى في المشروعات التي تنعم بها البلاد، وهو صاحب الحكمة في الموازنة بين فتح أبواب التقدم والحفاظ على أصالة البلاد ودينها وسمتها، إنه الملك عبدالله صاحب النظرة الفاحصة والرؤية البعيدة فهنيئاً لهذه البلاد بالملك الجاد والقائد المصلح.