يا معالي الوزير المهندس عادل فقيه، يا صاحب الوزارتين (الصحة والعمل) وددت في ساعة صفاء نفسي أن أكتب إليك، منطلقاً من واجبي الوطني والمهني والأخلاقي والإنساني، وآمل أن تصغي إليَّ، وأنت الذي تعرف الجهد والطموح والمصاعب والمتاعب والتحديات، تحب النقد الهادف البنَّاء وتعمل به،
وترفض النفاق والمجاملة والتصفيق الذي في غير محله بل تلفظه وتنبذه.. إن نجاحك في وزارة العمل رغم التحديات والمصاعب والمطاب والأشباح والرياح والعواءات الكثيرة، وخيبة وزارة الصحة على مدى عقود دفعتني للكتابة إليك وربما أكررها، لأن الحديث عن الصحة طويل والموضوع شائك، يا صاحب الوزارتين من يكتب إليك مواطن حريص على بلده، وحريص على الصحة، وأعيش أنا وأنت وأهلي وأهلك وابني وابنك والمواطن والمقيم في لحظة قلق وتوتر دائم من مرض «الكورونا» الذي آمل أن يُحجَّم وأن يكون عمره قصيراً ولا يتحول إلى وباء.. إن شجاعة الإدارة واتخاذ القرار اللذين تملكهما لا يملكهما إلا القلة، وآمل أن تكون وزارة الصحة في زمنك نهاية حقبة، وبداية حقبة أخرى، آمل أن تكون أفضل بكثير مما كانت عليه، يا صاحب الوزارتين - الصحة والعمل - آمل أن لا تستمع لأحد، سوى إلى ضميرك الوطني الحر، وأن لا تتقيد بأجندة، ولا إلى بروتكول رسمي، وأن يكون عنصر المفاجأة والمباغتة هو ديدن عملك، وأن تزور جميع مستشفيات ومستوصفات المحافظات والمدن والقرى البدنية منها والنفسية الأهلية منها والحكومية، راكباً أو سيراً على قدميك، لكي تشاهد بأم عينك حال الصحة هناك، وكيف وصل بها الحال؟ إن جهاز وزارة الصحة المثخن خزانتها بالمال الوفير يئن بوجع ويبتغي منذ أمد إلى من يداريه ويعالجه ويصلح شأنه ووضعه وقوامه، إنني منذ سمعت الأمر الملكي بتكليفكم بعمل وزير الصحة، بالإضافة إلى مهام عملكم في وزارة العمل، زففت لنفسي البشارة، وبت أرقب أن تُحدث في وزارة الصحة شيئاً جذرياً ومختلفاً، وهذا المؤمل والمراد والمنتظر .. إن الوضع المزري لوزارة الصحة على مدى عقود جاء نتيجة عمل من لا ضمائر وطنية لهم ولا همم، الذين يحبون النوم الطويل والركود الممل ولا يحبون النشاط العملي والتحدي الفعلي ولا يجيدون الركض والقفز، يعشقون مشي السلاحف ويكرهون قفز الأرانب، أنهم يتحملون جزءاً ثقيلاً، وربما الأثقل، من مسئوولية ما حدث للصحة لأزمنة مديدة، بعد أن تجمدوا في حالة ارتخاء تام .. إن الأمر يا صاحب الوزارتين يتطلب منكم أن تعيدوا ترتيب أروقة وأوراق وزارة الصحة من جديد وبشكل عاجل غير آنٍ، وأن تقضوا على الفساد والإفساد بكل أشكاله وألوانه وصفاته وخصاله في الوزارة متى وجد، إنني لا أود الإسهاب أكثر في موضوع الصحة الشائك، ففهمكم القدير وهمتكم العالية ونضالكم المجيد وخبرتكم الكبيرة وأهدافكم الخيّرةلسامية جديرة بالارتقاء بوزارة الصحة نحو تطلعات المواطن والمقيم على حد سواء.. إنكم يا صاحب الوزارتين اليوم في الميزان الذي أمام الناس، لذا أتوجه بكلامي - الموجز - هذا إليك ولدي يقين تام بأنكم لن تتجاهلوا محتواه، ورمزه، وهدفه، ومغزاه، ولن ينعدم اهتمامكم به، وأنا مطمئن لذلك، يسركم الله لليسر، وأبعدكم عن العسر، وأنجح سعيكم، وثمَّن وجمَّل فعلكم، فقد أبدعتم في (العمل) ونريد منكم أن تبدعوا في (الصحة).. إن لـ (للصحة) يا صاحب الوزارتين دواهي ودهاليز وضيق ممر، لذا شاء المليك أدام الله ظله أن تكون أمورها بين يديك، وأنت الذي لا توجد عندك حائرة، ولك امتيازات دائرة، وتملك أعمالاً سامقة، وأنا على يقين بأن نجاحاتك ستكون باهرة، وقفزاتك ستكون عالية، وستكون (الصحة) في عهدك صروحاً عامرة.