«عبدالله بن سويلم» من يخبرنا عنه؟

كنت قد قرأت مرثية نثرية جميلة جداً في شخصية عبدالله بن سويلم -رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه-, كاتب هذه المرثية هو «عبدالرحمن فيصل المعمر», وعلى بساطة التعبير وسلاسة العبارات التي استخدمت نثرا، إلا أن المعاني بين السطور شدتني وجعلتني أبحث عن هذه الشخصية الوطنية السعودية التي رافقت تاريخ المملكة منذ تأسيسها, وأخذتني نفسي بالأسئلة لما لا يكون لدينا إعلام متخصص في مثل هذه الشخصيات ليس فقط تكريما مستحقا لها, وإنما سعيا على درب تقديم النماذج الوطنية التي تصلح لأن تكون القدوة التي يحتذى بها في حب الله والوطن والملك.

في عدد من كتاباتي السابقة أخذت على عاتقي أن أكتب عن مثل هذه الشخصيات وأنشر ما يتوافر لي من معرفة بها أو عنها, ولأن العادة جرت أن الكبار لا يذكرون إلا حين يرحلون فلقد أخذت العهد على نفسي أن أكتب في الأحياء أيضا وأنا على يقين أن هناك من سيرميني بالمدح المبالغ أو حتى النفاق, لكن لا يهم لأن الفكرة التي أتمنى أن أصل إليها هي تأسيس فكر يتتبع سير الراحلون العطرة على ما قدموه من إنجازات وأيضا تتبع إنجازات الحاضرين اليوم سواء من المتقاعدين أو العاملين, هكذا مسيرة من التأريخ والكتابة تحتاج إلى من يعلق الجرس ومن يخوض الغمار.

نعم هناك بعض البرامج التي قد تقدم بصيغ التأريخ وذكر المشاهير, لكنها محدودة التأثير بعامل الزمن أو جهة البث, وما أتمناه هو مؤسسية متكاملة في مثل هذه النوعية من الكتابة في السير والشخوص, ما نعلمه عن عبدالله بن سويلم ليس بالقليل لكن في عبارات المرثية وجدنا أن هناك الكثير مما نجهله, عبدالله بن سويلم وكما يقول «عبدالرحمن فيصل المعمر» قد بدأ بذكره في عهد الملك سعود -رحمه الله- وهو يؤم بالطائف رجال الدواوين, هؤلاء النوعية من رجالات الوطن الذين بتوفيق الله «عز وجل» أفنوا حياتهم وهم يعملون لصالح الوطن وللأجيال التي ستأتي لتنعم فيه واحة للأمن والأمان, هؤلاء كما وجب تكريمهم وجب تعميمهم, اليوم ونحن على مقربة من ذلك الزمن الجميل نجهل الكثير, فكيف بالأجيال التي ستأتي من بعد وبينها وبين الأحداث بعد, لا يكفي أن توضع الصور والأسماء في كتب لتوضع على الرفوف, بل يجب أن تقدم كمواد بشكل متتال لكي لا ينسى القادمون، كما كان هؤلاء الراحلون عظاما في تفانيهم وإخلاصهم حين لم يملكوا مما نملكه من الإمكانيات اليوم.

أختم مقالتي بسؤالي أعلاه: من يخبرنا عن عبدالله بن سويلم؟ ليس جهلا مني فيه وفي شخصه -رحمه الله- فأولاده وعلى رأسهم معالي الشيخ محمد وأحفاده وعلى رأسهم الشيخ مشاري هم مسيرة مستمرة له, ولكنني أدعو سعيا لكي يبحث الجميع ويستقصون الأثر الأطيب له ولرفاقه, من يخبرنا عن عبدالله بن سويلم هي دعوة بصرخة وطنية لمن يخبرنا عن الراحلين جميعا, فلا تترددوا وخذوا المبادرة واكتبوا وأبلغوا العالم والأجيال القادمة كيف كنا وكيف نحن الآن.

- د. طلال بن سليمان الحربي