سعدت بالتعرف على مؤسسة ليان للثقافة عن قرب، خلال تشرفي بدعوة من قبل سمو الأمير فيصل بن عبد الله رئيس مجلس أمناء مؤسسة ليان للثقافة، لحضور افتتاح محطة معرض مساجد تشد لها الرحال في الشقيقة الأردن في شهر محرم من عام 31 هـ، وقبل ذلك كنت متابعاً لإقامته في محطة جدة، ثم المغرب وما تبع ذلك من محطة اسطنبول، وحالت ظروفي دون تلبية الدعوة لحضورها، إلا أنني سعدت بإعداد تغطيات محطات هذا الحدث في هذه الصفحة وفي صفحات أخرى أفردتها الجزيرة لهذا الإنجاز، لكن ما شاهدته في محطة الأردن كان بمثابة توثيق وتثبيت ما كنت اجمعه عبر ما يردني من مادة صحفية من الزميل النشط في المؤسسة هاني فرحات، أو ما اقرأه عن المعرض في الصحف المحلية والعربية، إنجاز اثار وكسب الإعجاب ليس لمستوى الأعمال مع تميزها، ولكن للفكرة التي جمعتهم بعنوان متفرد، اتجهت له الأعين، وشنفت له المسامع، لارتباطه بمواقع مهمة ومحببة ومقدسة عند المسلمين.
اختيار ذكي يحمل بعد نظر يوثق المعرض في ذاكرة الزمن وتاريخ المعارض المتميزة التي لا تتكرر يستعاد بها المعرض كلما جاء الحديث عن المساجد الثلاثة في محيط المثقفين والمبدعين.
وقبل أيام عادت مؤسسة (ليان) وكأنها تؤكد أن غيابها الهادئ لتحين الفرصة والتوقيت المناسب من بين زحمة المعارض، واختلاط الحابل بالنابل، والغث بالثمين الذي تعيشه الساحة المحلية، باعتباره جواً غير مهيأ لتقديم ما تتفرد به مؤسسة (ليان) من معارض متخصصة، ذات قيمة فنية وصدى عالمي، فاختارت الوقت المناسب، والاسم والإبداع أيضاً المناسبين، لتقدم معرضاً بعنوان (تذوق الفن بحواسك الخمس)، للفنان العالمي إسماعيل آجار، معرض مختلف اسماً ومضموناً، احدث علامات استفهام حول ما كان غائباً عن أذهان الفنانين، مضيفاً لهم معلومة وتجربة، دفع بالكثير لإعادة النظر في معنى الفن وسبل التعبير، واكتشاف كيفية استخدام كل حواسنا للتمتع به، وإشراك فئات أخرى لا تقل في تذوقها عنا بل تزيد.
لقد أسهمت مؤسسة (ليان) كثيرا بهذا التنوع وهذا الاختيار، وأصبحت بتقديم اختياراتها بين حين وآخر دون استعجال أو اندفاع، كالغيث الموسمي الذي يأتي في وقته، فتهتز له ارض الفنون وتربو، وتنبت الاخضرار المطرز بالأزاهير والمعطر بالجودة والتميز.
ويسرني أن اختم بالشكر لمؤسسة ليان نيابة عن منسوبي جمعية التشكيليين الذين شاركوا في مسابقة الملتقى الأول للجمعية الذي حمل عنوان (تراثنا إبداع يعانق الحاضر)، حيث جعلنا من موقع المؤسسة الخاص بآثار الجزيرة العربية مرجعاً ومصدرا هاما للمشاركين، فتعرفوا من خلالها على عالم آثار حضارات الجزيرة وأضافوا ثقافة بصرية كانت غائبة عنهم، من خلال جهد كبير شاركت به شركات عالمية، فأبدعت المؤسسة في انتقاء الصورة وبناء العبارة وتوثيق المكان والتعريف بالزمان.