ليس ثمة أجدى من الاعتدال..
فالميل شقاً عن الآخر يفسد استقامة الكيان.. !
كيان المرء، والمجموع، والقارب، والمركبة وحتى الرأي، والفكر، والمشاعر..
ولأن الله تعالى جعلها أمة وسطاً، لا إفراط يُقبل.. ، ولا تفريط يمرر..
اسْتُهجِنَ شأنُ الإفراط في الميل .. ، ومُقِتَ عدمُ الحياد في الرأي..
وهما كفَّتا ميزان الثبات، واحترام الأطراف الأخرى إن كانوا بشراً، أو تقدير خانات في الحياة أخرى بها تتكامل سيرورتها.. وسلم البشرية..
ما يلاحظ في الراهن من سلوك جماعات كثيرة في المجتمعات العربية هو عدم اتباع جادة الوسط، وعدم الوقوف بالرأي عند حيادية احترام الطرف الآخر..
فقوام بنية الحياة الناجحة أن من لا يتفق معه واحد أو جماعة أو مجتمع، ليس عليهم أن يجافوه، أو يعادوه ,أو يفنوه.. لذا فحروب الميول والتوجهات والأفكار مرفوضة في ميزان السلام، والأمن, والسلم، والحقوق، والواجبات على الأرض..
الأرض بُسطت لكل خلق الله، والتعايش السلمي هو النقطة الوسط, وقد رأينا هذا في سلوك محمد ابن عبدالله صلى الله عليه وسلم مع اليهود، وأهل الكتاب، بل المنافقين والأفاكين.. ، مع أنه يمنحهم الدرس تلو الآخر في شأن لا تزر، وازرة وزر الأخرى فيما يجنيه الفرد على نفسه حين يشط عن الجادة وهدى الطريق.. لكنه سيج ذلك بقوانين، وتدرج في إفهامها.. وتثبيتها, وتنفيذها..
المرء الذي يعتدل هو لا يخلق لنفسه بيئة آمنة فقط، بل هو يزرع فسيلة في أرض البشر ما كان قريباً منه يصبح له مجتمعاً آهلاً بالهدوء والسلم، وما كان بعيداً عنه تتداعى له رغبات المشاركة ودعائم التواشج..
كل معتدل هو عضد لسيرورة الحياة البشرية كيفما تفرغ للبناء, والتطوير لا الحرب والتدمير.. متى وعى الناس أي منقلب تؤول إليه الكفة حين تفرط منهم بلا اعتدال في ميلهم، ولا يستقيم الميزان عندهم.!!