نجحت الدوريات العسكرية التونسية المتمركزة في النواحي المحيطة بجبل الشعانبي من محافظة القصرين في إلقاء القبض على أحد عناصر الجماعات المسلحة المتحصنة بالجبل، بعد أن قتلت عنصراً آخر كان يرافقه، وكان يرتدي بدلة عسكرية، يبدو أنها تابعة للجنود الذين اغتالهم الإرهابيون خلال شهر رمضان المعظم من السنة الماضية في المكان نفسه.
وأشارت تقارير إلى أنه لم تحصل مواجهات مع العنصرين المسلحين، في وقت تمكنت فيه القوات المشتركة من الجيش والأمن من السيطرة كلياً على جبل الشعانبي، وتأكد فرار الجماعات المتحصنة به إلى جهات غير معلومة. وكان مختار بالنصر العميد المتقاعد بوزارة الدّفاع الناطق الرسمي باسمها سابقاً قد أشار إلى أنّه بعد السّيطرة الكليّة على جبل الشّعانبي تتواصل العمليّات العسكريّة الجويّة والبريّة حتى الآن بالنّسق نفسه. مضيفاً بأنه رغم الكشف عن العديد من المخابئ الخاصّة بهم فمن المرجح أن تكون هذه الجماعات قد تسربت خارجه وهربت في اتجاه الأراضي الجزائرية. مبيناً أن وزارة الدفاع ستتولى قريباً إعلام الرأي العام بحصيلة عملياتها العسكرية حال انتهائها.
في غضون ذلك، قالت مصادر مطلعة إن قوات الأمن والجيش الجزائرية هي الآن في حالة تأهب قصوى على مشارف ومنافذ ومداخل جبل الشعانبي المطلة على العمق الجزائري، بعد أن بلغ إلى علمها أن فلول الجهاديين المتحصنين بالشعانبي تحت وطأة كثافة القصف الجوي والبري تعتزم الفرار والتسلل إلى الأراضي الجزائرية بقصد التحصن بجبال جيجل وسكيكدة وعنابة للملمة جراحها، ثم القيام بأعمال نوعية، بينما تحكم قوات الجيش تمركزها على مرتفعات الجبل بعد قيامها بعمليات تمشيط واسعة في مغاوره وكهوفه العديدة.
سياسياً، تتجه الأنظار إلى مقر حركة النهضة التي برز قياديوها هذه الأيام على سطح الأحداث المحلية، ومن ذلك أن زعيم الحركة الشيخ راشد الغنوشي صرح علناً بما تتداوله النخبة السياسية سراً؛ إذ قال إنه «لا مانع في بقاء حكومة مهدي جمعة بعد الانتخابات، خاصة إذا أثبتت نجاحها، وحققت نتائج طيبة».
مشيراً إلى أن بقاء حكومة الكفاءات المستقلة برئاسة المهدي جمعة يظل محل توافق الطبقة السياسية كافة. وشدد الغنوشي على أن المرحلة التي تعيشها البلاد تستوجب حكومة توافقية، وأن تونس غير مهيأة في هذه الفترة لحكم حزب واحد يواجه المعارضة مثلما حدث خلال حكم الترويكا الأولى والثانية. وفي السياق ذاته، يتابع الأي العام المحلي خبر الخلاف القائم بين الغنوشي ورجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي، على خلفية حجب هذا الأخير كلمة كان الغنوشي يعتزم إلقاءها خلال مؤتمر جماعة الإخوان في إسطنبول، وتتضمن نقداً لاذعاً لجماعة الإخوان بمصر.
وقال الغنوشي في مداخلته التي تولى توزيعها على المؤتمرين بعد رفض أردوغان ذلك: «للأسف، انطلق الإخوان في مصر وكأن شيئاً لم يحدث في دولة شقيقة لهم بقيادة أشقاء، وإخوان يشاركونهم النهج نفسه والتجربة، ولم يكلفوا خاطرهم باستشارتنا. فرضنا أنفسنا عليهم، وراسلناهم، وخاطبناهم، ووجهناهم، وحذرناهم، وشجعناهم في العديد من المواقف، لكن لا حياة لمن تنادي».
وأضاف الغنوشي: «كانت تجربة الإخوان في مصر مع بدايات ثورة الشعب المصري منذ الأيام الأولى لثورة يناير تعاني ارتباكاً كبيراً وتردداً عميقاً، فجزء من القيادة يدعو للمشاركة في الثورة، وجزء يدعو للانتظار، والثالث يريد المراقبة، بينما نزل الشعب المصري بأسره إلى الشوارع من واقع الظلم والمعاناة والجوع والفقر».
وتابع زعيم حركة النهضة قائلاً: «وهنا لا أخفي أن جيل الشباب في الإخوان كان متحمساً ومنخرطاً، وخالف قيادته في كثير من المراحل، ولم يكن هناك تقسيم أدوار؛ لأن أعين قادة الإخوان منذ البداية كانت منصبة على المساومات والمفاوضات. ومع أول دعوة وُجِّهت من النظام للحوار نصحت الإخوة في مصر بعدم التجاوب معها، وألا يكونوا طرفاً في هذا الحوار.
قلت لهم إن من سيذهب للحوار لن يمثل أحداً؛ لأن هبّة الشارع تزداد، وعنوان إسقاط النظام أصبح الشعار الذي لا رجعة عنه، وأن أي حلول وسطية هنا أو هناك سوف يسقطها ميدان التحرير فوراً».