الحتمي في قصص الضرب
تثير مقاطع الفيديو التي تسيء فيها العمالة المنزلية للأطفال أو الكبار، في غفلة من ذويهم، مشاعر الاستياء المجتمعي. ويحاول الكثيرون أن يجدوا الوسيلة الأفضل لتجنب حدوث هذه الإساءات، دون جدوى. فما من أحد لديه القدرة على معرفة حجم الأمراض النفسية التي يعاني منها العامل أو العاملة، أو مدى القدرات الذاتية التي يمتلكها أي منهما في تمثيل دور الأمانة والحرص على الأطفال أو الكبار والتفاني في خدمتهم.
إنه مسار غير منتهٍ، يدفع في نهايته الأبرياء ثمن مجموعة من الأخطاء المؤسساتية والفردية. فمن جهة، ليست هناك أية آليات رسمية لتحديد كفاءة أو عدم كفاءة العمالة للتعامل مع شؤون المنزل، والعمل تحت الضغوط الأسرية وعلى رأسها متطلبات الأطفال. ومن جهة أخرى، هناك أُسر لا تفرّق بين العمالة وبين جلاميد الصخور، فتطالبها أن تفيق من الخامسة فجراً وأن تظل تعمل حتى ساعات الصباح الأولى، هذا بالإضافة إلى اللهجة الجارحة التي تستخدمها معها، وأحياناً إلى التعدي عليها بالضرب.
نحن إذاً أمام واجبين حتميين. الواجب الأول هو المطالبة بآليات رسمية توقف استقدام هذا المستوى المتواضع جداً من العمالة غير المدربة وغير المنتقاة، إلى درجة صرنا من أشهر بلدان العالم في جلب خريجي وخريجات السجون وكل من هم وهنَّ أعباء على دولهم، بهدف التخلص منهم ومن أعبائهم. الواجب الثاني، أن يتم حفظ حقوق العمالة من خلال مراقبة أوضاع الأسر التي يعملون لديها بشكل دوري، وربما بشكل عشوائي، ليعلم ضعاف النفوس أن هذه الرقابة قد تطرق الباب عليهم في أية لحظة، وتسأل عامليهم عن كيفية تعامل الأسرة معهم.
إن القصص التي نسمعها أو نقرأها أو نشاهد مقاطع لها، هي انتقام العمالة من الذين يسيئون معاملتهم، أو ممارسة أعمال إجرامية ذات بعد نفسي مختل، ولا حلَّ لهذه الظاهرة إلاّ بالواجبين الحتميين، الرسمي والفردي.
