قد تؤدي إصدارات السندات الإسلامية التي تستهدف المستثمرين الأفراد في اندونيسيا وماليزيا وباكستان إلى زيادة جاذبية المنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة وإنشاء قاعدة مستثمرين أكثر نشاطا وإقناع المزيد من الشركات بجمع الأموال عن طريق الصكوك.
وقد شهد العام الماضي أول إصدار لصكوك الأفراد في ماليزيا وهي صكوك تعرض على الجمهور بدلا من بيعها للبنوك أو طرحها على المستثمرين من المؤسسات الكبرى.
وحذت شركة كهرباء كراتشي حذو ماليزيا هذا الشهر بينما تطرح وزارة المالية الإندونيسية صكوكا سيادية للجمهور منذ عام 2008.
وتأمل السلطات أن يؤدي استقطاب عدد كبير من المستثمرين الأفراد إلى زيادة الإقبال على هذه الصكوك بين المسلمين البالغ عددهم 400 مليون في الدول الثلاث وهو ما يقرب من ربع عدد المسلمين في العالم.
لكن المصدرين الذين يسعون لتوسيع قاعدة مستثمريهم أو لديهم متطلبات رأسمالية ضخمة على مدى فترة طويلة يمكنهم الاستفادة من صكوك الأفراد.
أظهرت دراسة للبنك الآسيوي للتنمية أن تكلفة إصدار الصكوك لا تزال أعلى كثيرا من إصدار السندات التقليدية رغم نمو التمويل الإسلامي في دول مثل ماليزيا وأندونيسيا.
وذكر البنك أن العائد على الصكوك التي تصدرها الحكومة في أندونيسيا يبلغ في المتوسط 86 نقطة أساس فوق السندات الحكومية التقليدية المماثلة.
وفي ماليزيا وهي أكبر سوق صكوك من حيث السيولة في العالم يرتفع عائد الصكوك ثماني نقاط مئوية في المتوسط فوق السندات التقليدية.
وذكر البنك في عدد مارس آذار من تقرير متابعة السندات في آسيا أن عدم الدراية الكافية بهيكل الصكوك المعقد يعني تحمل المصدرين المحتملين رسوما أعلى مقابل خدمات استشارية في حين يريد المستثمرون عائدا أعلى بسبب ضعف أنشطة التداول في الأسواق الثانوية للصكوك.
وفي أندونيسيا كانت نسبة صكوك الشركات نحو خمسة بالمئة فقط من أحجام تداول سندات الشركات في 2013.
وقال متعاملون لرويترز إن الفجوة بين تكلفة إصدار الصكوك والسندات في الخليج ومراكز تمويل إسلامي رئيسية أخرى في أنحاء العالم ضئيلة جدا أو غير قائمة بل إن إصدار الصكوك أرخص في بعض الحالات. ويرجع ذلك لأن إصدار الصكوك هو الاتجاه السائد في معظم دول الخليج لاسيما السعودية ولأن الطلب من المؤسسات المستثمرة الغنية بالسيولة غالبا ما يفوق المعروض.
صكوك الأفراد
وتبيع الحكومة الإندونيسية صكوكا للأفراد سنويا منذ 2008 ولكنها تظل الجهة الوحيدة التي تصدر تلك الصكوك في البلاد. وتأمل الحكومة في جذب مستثمرين جدد في إصدارها القادم في مارس آذار.
وقال دحلان سيامات مدير سياسة التمويل الإسلامي بوزارة المالية الإندونيسية لرويترز «هناك شركات تسأل عن الآلية ولكن عند إصدار هذه الأداة يجب أخذ التكلفة في الاعتبار».
وأضاف أن التكلفة قد تنخفض إذا أثبتت صكوك الأفراد فعاليتها في تمويل مشروعات البنية التحتية وجرى تداولها بكثافة في السوق الثانوية.
وتابع «نريد مستثمرين جددا لا مستثمرينا الحاليين فحسب» مشيرا إلى أن الوزارة التي تضم شبكة مبيعاتها 26 وكيلا من بينهم 19 بنكا تبحث الآن في المدن الصغرى عن مشترين محتملين.
وذكر سيامات أن وزارة المالية تنظم إصدارات الصكوك بما يتماشى مع رغبات المستثمرين منذ عام 2008. وعرضت الوزارة حدا أدنى لفترة الحيازة بلغ شهرا واحدا قبل بيع الصكوك في السوق الثانوية وتدرس تقليص آجال الاستحقاق لتصل إلى نحو ثلاث سنوات.
ويمكن للإندونيسيين شراء صكوك الأفراد بحد أدنى خمسة ملايين روبية (430 دولارا) مقابل مليار روبية للسندات التي تطرحها الحكومة لغير الأفراد.
وباعت الحكومة ما قيمته 14.9 تريليون روبية من صكوك الأفراد العام الماضي ارتفاعا من 13.6 تريليون في 2012. وجمعت الوزارة ما إجماليه 36 تريليون روبية من هذه الإصدارات أو ما يعادل 21.4 بالمئة من الصكوك السيادية القائمة في البلاد.
وذكر البنك الآسيوي أن اصدارات الصكوك الجديدة في آسيا بلغت 91.7 مليار دولار العام الماضي وتتصدر ماليزيا الإصدارات عند 83.7 مليار ولكن الرقم يظل ضئيلا مقارنة بأسواق السندات التقليدية.
وبلغ إجمالي قيمة السندات المتداولة بالعملة المحلية في الاقتصادات الناشئة في شرق آسيا 7.4 تريليون دولار في 2013 بزيادة 11.7 بالمئة عنها قبل عام. وسجلت إندونيسيا أعلى معدل زيادة سنوي عند 20.1 بالمئة
ويحدد البنك الدول الناشئة في شرق آسيا بأنها الدول العشر الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا زائد الصين وهونج كونج وكوريا الجنوبية وتايوان.
وقال البنك إن زيادة العجز المالي في الدول الآسيوية وشح السيولة في أسواق السندات العالمية يجعل الصكوك بديلا مجديا للتمويل في سوق الدين بالمنطقة.
وتابع أن وضع نموذج موحد لهيكلة الصكوك قد يعجل بتبنيها في المنطقة ويساعد الحكومات على تمويل متطلبات البنية التحتية. لكنه لم يخض في تفاصيل.
ويصدر التقرير في وقت يدرس فيه البنك اصدار صكوك باسمه وقد تتطور الخطة لبرنامج اصدارات منتظم أو منتج تأميني يساعد الدول الأعضاء في طرح صكوك.
وفي الإطار ذاته قالت وكالة «ستاندرد آند بورز لخدمات التصنيف الائتماني :»نعتقد أيضاً بأن التمويل الإسلامي يمكن أن يكون مناسباً لتمويل البنية التحتية والمشاريع كون أن البنوك لا تملك القدرة على منح تمويلات طويلة الأجل المطلوبة لهذه المشاريع.
وهناك العديد من المشاريع الجارية أو التي من المتوقع انطلاقها مستقبلاً في مجال الطاقة المتجددة، والبنية التحتية لشبكة المواصلات، والاتصالات في بلدان شمال أفريقيا.
واستخدام الصكوك لتمويل بعض هذه المشاريع يمكن أن يساعد على تنويع قاعدة المستثمرين واستغلال مجموعة أخرى من المصادر».
وقال محمد داماك، محلل تصنيف ائتماني في الوكالة: «لاحظنا أن هذا التطور في بلدان شمال أفريقيا حيث نقوم بتصنيف بنوك في كل من مصر، وتونس، والمغرب.
وقد اتخذت هذه الحكومات السيادية مؤخراً خطوات لتنفيذ سياسات تدعم تطوير التمويل الإسلامي: تخطط تونس لإصدار صكوك لجذب فئة جديدة من المستثمرين؛ وقامت مصر بتطبيق أطر تنظيمية جديدة لإصدار الصكوك؛ فيما قامت المغرب بوضع الأساس القانوني للصيرفة الإسلامية.
واضاف:»إلا أننا نعتقد بأن التمويل الإسلامي في هذه المنطقة لم يُثبت حتى الآن قيمته الاقتصادية المضافة من وراء تمكين تقديم منتجات متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
ويمكن تحقيق القيمة المضافة هذه من خلال تمكين الوصول إلى فئة جديدة من المستثمرين أو تقديم منتجات متوافقة مع الشريعة الإسلامية بأسعار تضاهي نظيراتها التقليدية.
وتشير المنافسة المحمومة على الأسعار في بعض أسواق شمال أفريقيا إلى أن العملاء في هذه المناطق أكثر حساسية نسبياً تجاه التكاليف المرتبطة بالمنتجات المصرفية.