ماذا عن احترام المرأة..
يخطئ من يخال أن احترام المرأة يتوقف على الاحترام الشكلي لها كما يفعل الرجل الغربي كتقديمها بالمشي أو إلباسها (المعطف) الخاص بها ونحو ذلك، لكن الاحترام الحقيقي للمرأة هو احترام مشاعرها، وإنسانيتها، والتعامل معها بوصفها إنساناً لـه حقوقه وأحاسيسه، ولـه همومه وأفراحه، ولـه شؤونه وشجونه.
والاحترام - من جانب آخر - للمرأة لا يعني إغراقها أو إغراق منزلها بالمتطلبات المادية التي قد تمنحها سعادة ظاهرية لا تلامس أحاسيسها.
الاحترام الحق للمرأة يجيء بالكلمة الطيبة، وبالتقدير الصادق، وبالاحتفاء بآرائها، وبالإحساس بهمومها واهتماماتها.
إننا - ونحن نسمع تعامل بعض الرجال مع نسائهم - تذكرت موقفاً لمعلم مكارم الأخلاق محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، ذلكم هو موقفه في تعامله مع زوجاته عندما سُئلت عائشة رضي الله عنها : كيف كان رسول الله يدخل منزله ؟ قالت: ((كان يدخل ضاحكاً بسّاماً))، ولاحظوا أن لدى الرسول من المسؤوليات الجسيمة ما لدى آلاف الرجال، ولاحظوا أنه خيرنا كبشر وهو خيرنا لأهله.
* * *
كم يخطئ بعض الرجال عندما يتصورون - ظلماً أو خطأ - أن احترامهم من قبل زوجاتهم وأولادهم لا يكون إلا بالعبوس والتجهم وبالكلمات النابية، والصراخ المحرق ؟! ولو عقَلّوا لأدركوا أن الاحترام الحق الذي لا يكون باعثه الكلمة الطيبة، وحافزه الحب إنما هو احترام هش، بل إنه كراهية لا تزرع محبة، بل هو ((خوف)) أكثر منه احتراماً، والخوف لا يقيم علاقات سعيدة وناجحة، بل هو رعب يسكن القلوب والمنازل فيحيل سعادتها شقاء، وراحتها تعباً، ودفأها صقيعاً..!.
* * *
إنني أدرك أن لكل مقام مقالاً، ولكني أتحدث عن بعض الرجال وقسوتهم وإلا فإنني أؤمن أن الحزم مطلوب أحياناً، لكن ما أراه خطأ هو أن تكون ((القسوة)) هي السيف المسلط دائماً، وأن يكون ((العبوس)) هو طابع التعامل، إن لكل نمط من التعامل مكانه، وإن وضع العنف مكان اللطف، أو العكس أمر غير رشيد، لكن الرشيد أن يكون للطف مكانه، وللحزم مواضعه.
وبعد..
إننا مطالبون أن نكون قوّامين على الناس بالقسط، فكيف لا نكون قوّامين بذلك مع أقرب الناس إلينا؟!..
الاحترام البهيّ للمرأة
يُنبت أزهار الحنان
ويُجري سواقي المحبة في مملكة الأسرة.
=2=
هل الراحة لا تكون إلا على جسر التعب
- الشاعر ((المعري)) وهو يواجه متاعب الحياة لم يملك سوى التعب ولكنه لم يستطع أن يفعل شيئاً سوى أن وقف متعجباً منها عندما قال:
تعب كلها الحياة فما أعجب
إلا من راغب في ازدياد
لكن لعل الراحة والسعادة تكون فعلاً من خلال هذا الركض وهذا اللهاث، أي أننا لا نستطيع أن نضمَّ هناءتنا - كما يبدو - إلا على رأس الحربة.. وتعب المسيرة، وتفكيك العقبات.
=3=
آخر الجداول
- للشاعر : إبراهيم ناجي:
((ومضى كل إلى غايته
لا تقل شئنا فإن الله شاء
ربما تجمعنا أقـدارنا
ذات يوم بعدما عزَّ اللقاء))