في المؤتمر الثاني حول الأمن الوطني والأمن الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليج العربي الذي نظمه مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة, كان التركيز على «الرؤية من الداخل «. ولذلك اقتصرت دعوات المشاركة في المؤتمر على خبراء متخصصين من مواطني مجلس التعاون بدول الخليج العربي.
وقد وضح د. محمد عبد الغفار رئيس مجلس أمناء المركز, هذا التوجه في كلمته بالجلسة الافتتاحية:
«.. مؤتمرنا ينعقد في ظل تحولات متسارعة على المستويين الإقليمي والعالمي, تلقي بتأثيراتها العميقة على الأمن الوطني والأمن الإقليمي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.. ومع تقديرنا للدراسات العديدة- وبخاصة تلك التي صدرت عن مراكز دراسات غربية وتناولت قضايا أمن الخليج العربي- والتي تقدر بالمئات, وعلى وجه التحديد تلك التي ظهرت منذ عام 2011 وحتى الآن, فإنها لم تراع خصوصية ومصالح دول المجلس الوطنية, كما أنها لم تضع في اعتبارها الاحتياجات الأمنية الحقيقية لدولنا؛ الأمر الذي يتطلب حتمية وجود مرئيات وطنية خليجية بشأن مهددات الأمن الوطني وآليات مواجهتها.»
فعلا المؤتمر جاء في مرحلة حرجة إقليميا وعربيا وعالميا؛ اتضحت فيها أجواء القلقلة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا, وتوالي التحديات أمام مجلس التعاون كمجموع يطمح الى رفع هويته الى اتحاد يتصدى للتحديات المشتركة, والفردية الخاصة أمام كل دولة عضو منفردة بتفاصيل خاصة بها. وفي الحالتين لابد من تفهم التفاصيل للوصول الى القرارات الأفضل.
**
قضينا ساعات على مدى يومين نتحاور حول أبعاد أمن الخليج وطنيا وإقليميا, وتكررت أفكار رئيسية:
أن الأمن مصطلح متعدد الجوانب..
جدلية المواطنة الرسمية والانتماء العاطفي..
جدلية الأمن الداخلي والخارجي..
مفارقة الاحتماء بالخارج والاستقواء بالأجنبي.
في اليوم الأول كان واضحا تكرر التساؤل حول كون مصطلح « الأمن» المتداول هو الأمن لحدود الدولة وسيادتها. وإن تأسيس مجلس التعاون في البداية جاء من منطلق تقوية وديمومة استقلال الدول واستدامة رخائها, لكنه خلال أربعة عقود لم يستطع تحقيق منجزات ملموسة تصل للمواطن في حياته اليومية, إلا في مسألة الدفاع عبر قوة عسكرية مشتركة.
شخصيا أرى أن الأمن مصطلح مرن يفتح باب الأسئلة المصيرية, قابل لتفسيرات متعددة حسب تركيز زاوية الرؤية. وأن المهم في هذه المرونة هو التوصل لشتى الإجابات المطلوبة لسد الثغرات الأمنية أنى كان مسببها.
وفي هذا الإطار العام جاء محور مشاركتي في الجلسة الثالثة «الشباب والمرأة شركاء في صياغة الأمن الوطني لدول مجلس التعاون», فكان مدخلا للتأمل في «دور المرأة والشباب في الأمن». الذي سأعود إليه معكم.