لحكمة إلهية حفظ الله بلاد الحرمين عن ما أصاب دولاً كثيرة حولنا، وأبقاها نائية عن أحداث دموية تعصف ببلدان عربية شتى، أنهكت شعوبها الحروب الداخلية والفتن بصورة تجعل الحليم حيرانا! حاول بعض الأشرار إدخال البلاد في مستنقعات الفتن لكن الله سبحانه وتعالى غالب على أمره! أتمّ نوره علينا وعافيته على بلادنا وإن كره الحاقدون - فارتدت دعواتهم إلى نحورهم شراً ووبالاً عليهم ! لو استعرضت غالبية الدول العربية الآن ستجد أن عقد الأمن فيها قد انفرط! وما الحياة بلا أمن؟! لن يعرف أحد معنى الأمن إلا من تنفس الخوف على أسرته ونفسه! ولقد قال الشاعر: لا يعرف الشوق إلا من يكابده!! الأمن جعله الرسول صلى الله عليه وسلم أولوية وقدمه على متطلّبات الحياة الأخرى للإنسان عندما قال (من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها)! وبهذا المعنى العظيم الذي وجّهنا رسولنا إليه فالكثير من المتذمرين قد حيزت لهم الدنيا ولكنهم لا يشعرون! ولحكمة إلهية جعل الله هذه البلاد قبلة للمسلمين وبيتهم الكبير يأتيها رزقاً رغداً، ملايين من المسلين تحتضنهم هذه البلاد وملايين أخرى يعيشون من خيرها في أوطانهم سواء في المخيمات أو في دولهم عبر مساعدات لا تنقطع عن دول كثيرة! أتاها رزقاً رغداً ليس من أجل من يعيش على أرضها بل لكل المسلمين في كل أصقاع الأرض .. إنها دعوة إبراهيم عليه السلام.. ترك ذرية في واد غير ذي زرع ودعا أن يرزقهم الله من كل الثمرات لعلهم (يشكرون).
إننا نرزق استجابة لدعوة أبينا إبراهيم فهاهي الخيرات والثمرات تأتي إلى أم القرى وما حولها ! لقد سافرت وسافر غيري إلى بلدان كثيرة فوجدنا الأسعار في وطننا في كل جوانب الحياة أرخص بكثير من بلدان كثيرة غنية وفقيرة .. هذه نعمة تستحق الشكر .. كثير من الناس فقد بوصلة الشكر فهو أبدا لا يتحدث إلا متذمراً ناقماً .. أكرمه الله فرزقه ولكن الشكر اختفى من قاموس كلماته! لا يشكر الله على نعمة يرفل فيها هو وأبناؤه ولا ينظر إلى الجزء الممتلئ من الكأس .. لقد قال الله تعالى {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} لكن هناك من ينكر نعم الله عليه فحديثه شكوى وتذمر! اللهم أدم نعمك علينا وخذ بيد مليكنا الصالح وابلغه ما يريده من صلاح الأمة وخير الوطن ولا تؤاخذنا بما يقول المتذمرون والذين جعلوا من أنفسهم مطية لأهل الفتن والمتربصين بهذا الوطن - وأدم علينا نعمك ولا تؤاخذنا بما يقول المتذمرون منا!