بعد صراع طويل مع المرض وفترة تجاوزت الثمانية أشهر في العناية المركزة، انتقل إلى رحمة الله تعالي يوم الأحد الماضي الموافق 4 مايو 2014 الأديب السعودي أحمد بن عبدالله الدامغ، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
طويت في هذا اليوم صفحة مهمة من تاريخ رجل قدم للساحة الثقافية منجزا أدبيا تجاوز الثلاثين مؤلفا، تنوعت في أغراضها في الأدب الشعبي، وتبقى عدد كبير من المؤلفات الجاهزة للطباعة, أفنى العم أبو عبدالله حياته في البحث والدراسة عن الأدب الشعبي وقدم الكثير من الكتب التي بقيت تزخر بها المكتبة الأدبية ليستفيد منها الكاتب والباحث، وعلى سبيل الذكر وليس الحصر, (الصفوة كما قيل في القهوة 4 مجلدات) (الشعر النبطي في وادي الفقي) (الأماني في معرفة الأبجدي والدرسعي والريحاني) (عبير الأدب الشعبي في وادي سدير) (المعنى الدقيق في الغزل الرقيق) والكثير من الكتب التي تعتبر من أهم المراجع الأدبية الشعبية في منطقة الجزيرة العربية, ترك المغفور له إرثاً ثقافياً كبيراً سيبقى شاهداً على رجل أفنى حياته باحثاً ودارساً ومراجعاً لهذا الأدب المهم, رحم الله الأديب الفاضل وأسكنه فسيح جناته وغسله بالماء والثلج والبرد ونقاه من الخطايا كما ينفى الثوب الأبيض من الدنس, اليوم وبعد أن أغمض أبو عبدالله عيناه عن هذه الحياة سينبري الوسط الثقافي لتكريمه وربما سيتم تكريمه ضمن أهم المهرجانات الثقافية المقبلة، وهذا هو المحزن حقا، والموجع في نفس الوقت وكأن التكريم ارتبط بشهادة الوفاة في الوسط الثقافي, يجب أن تموت ليتم تكريمك بشهادة لا تتجاوز قيمتها الخمسة ريالات كانت ستكون دافعا معنويا كبيرا لك لو تم تقديمها في حياتك، وسيفرح بها أبناؤك وأصدقاؤك, لكنه قدر المبدع في الوطن العربي بشكل عام أننا نتذكره حين يموت فقط, لذلك نقول إن التكريم الحقيقي والصادق هو تكريم الحي، فكرموا مثقفينا وأدباءنا الأحياء أما من انتقلوا إلى رحمة الله فقد ذهبوا لمن هو أفضل مني ومنكم وسيكرمهم الله, والعم أبو عبدالله من رجالات الخير في هذا البلد والمسجد الذي كتب على بابه (مسجد الفقير إلى ربه أحمد عبدالله الدامغ) سيبقى شاهداً على نبل وكرم هذا الرجل, ذلك المسجد الذي أصر على إنهائه قبل أن ينهي بناء منزله المجاور للمسجد, رحمك الله أديبنا الفاضل.