حدود إيران من جنوب لبنان.. هكذا يؤكد القائد السابق للحرس الثوري الإيراني والمستشار العسكري الحالي للمرشد الإيراني الفريق يحيى رحيم صفوي.
هذا التأكيد أطلقه المستشار العسكري النافذ منذ أكثر من أسبوع، ومع أن هذا القول استفز اللبنانيين جميعاً، وهو ما دفع الرئيس اللبناني إلى استدعاء السفير الإيراني في بيروت والاحتجاج على هذا الصلف الإيراني، إلا أن وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل لم ير في الأمر ما يعنيه ولم يقم بما عليه عمله كمدافع اول عن السياسة الخارجية اللبنانية، إذ قول مستشار المرشد الإيراني يجرد لبنان من سيادته، ويحولها من دولة إلى مجرد محافظة حدودية إيرانية.
قول المستشار العسكري للمرشد الإيراني يرى فيه العديد من متابعي الأوضاع في لبنان وفي (المحافظات الإيرانية) المفروضة على الواقع داخل العمق العربي، توصيف للمدى الذي وصل فيه النفوذ الإيراني واقتراب الطموحات الايرانية في إعادة بناء الامبراطورية الفارسية الثالثة.
ورثة خميني من ملالي إيران الذين يحكمون إيران الآن لم يخفوا أطماعهم هذه، بل لم يترددوا من أن يطلبوا (مباركة) غربية وأمريكية بالتحديد لتزكيتهم لحفظ الأمن في المنطقة العربية والقضاء على الإرهابيين وفرضهم كقوة إقليمية وحيدة في المنطقة.
هذه المطالب قدمت أثناء مفاوضات 5+1 التي تبحث الأنشطة النووية الايرانية، ولمست ذلك الدول الستة الغربية إضافة إلى روسيا والصين، وأثناء التفاوض أوضح الايرانيون أنهم على استعداد حتى لوقف برامجهم النووية، إذا ما اعترفت الدول الست بالدور القيادي الإقليمي واعتبارها القوة الإقليمية الأولى لضبط الأمن وفرض السلام في المنطقة، وبالذات في الخليج العربي.
وحتى قبل أن تتغاضى الدول الست المنخرطة في مفاوضات الملف النووي الايراني عن التمدد الايراني وفرض نفوذها في عدد من الدول العربية وبالذات في العراق وسوريا ولبنان، فإن النظام الإيراني الحالي يقاتل ويستميت بما حققه في (المحافظات الايرانية الثلاث) العراق وسوريا ولبنان، وقبل أيام أفصح رئيس ما يسمى بالمتطوعين (الباسيج) من أن هناك 130 ألفاً من الباسيج جاهزون للقتال في سورية حتى يبقى الأسد رئيساً للنظام في سورية، إذ إن بقاء الأسد والنظام الحالي في سورية مصلحة إستراتيجية إيرانية في المقام الأول.
طبعاً هذا التقويم ينطبق على لبنان والعراق اللذين يطبق النظام الإيراني نفوذه عليهما، وإذا ظهرت بعض مساحات المرونة من قبل حكومتي بغداد وبيروت، إلا أن القضايا المصيرية لا تستطيعان أن تبتّان بها دون مشاركة طهران في القرار، ولعل عملية تنفيذ الاستحقاق الرئاسي في لبنان واختيار رئيس الحكومة العراقية تأكيد لهذا الوضع الذي ينال كثيراً من سيادتي لبنان والعراق، أما سيادة سورية فلا أحد يتحدث عنها.