لا أعرف متى سنعي أن مجتمعنا مع انفتاحه على ثورة المعلومات في عصر عولمي لم يعد مجتمعا مغلقا له خصوصية ثابتة، وأنه كأي مجتمع إنساني خليط من القيم والأعراف تشكل ثقافته ضمن مؤثرات حالية وليس موروثات سابقة.
في موضوع وجود إرهابيات من النساء في مجتمعنا بدءا من هيلة القصير إلى ما أعلن عنه الأسبوع الماضي من اثنتين هما أمينة الراشد ومي الطلق، تكمن مسألة أننا كباقي المجتمعات الإنسانية المكونة من الجنسين، وأن المرأة السعودية رغم كل القوانين المحددة لتنقلاتها وحريتها المشروعة تخضع كما الرجل إلى أدلجة العقل وتسير في اتجاه الجريمة تماما كما يسير الرجل، بل وربما أبشع نظرا لأن المجتمع يتحفظ على كشف هويتها في أحايين كثيرة مما يسهل للمرأة ارتكاب الجرائم.
جريمة كالإرهاب يمكن أن يرتكبها رجل أو امرأة لأنه لا وجود لتمييز في ارتكاب الجريمة، كما أنه لا وجود للتمييز في العقاب في الشرع وضمن القوانين لخطأ الرجل أو المرأة.
التمييز الحقيقي هو في نظرة المجتمع إلى قدرات المرأة واعتبارها كائنا ضعيفا، ولذلك يستغرب دخولها جريمة منظمة كالإرهاب تحتاج إلى ذكاء للتخطيط وقدرات عالية للتنفيذ.
المرأة وإن غلبت عليها العاطفة لا يعني أنها لا ترتكب الجريمة بل ربما تكون غلبة العاطفة هي سبب لارتكاب الجريمة، ففي مسألة الإرهاب كثير من الإرهابيات شاهدن أزواجهن أو أبناءهن يقتلون أمام أعينهن وتجندن بعد ذلك مدفوعات بعاطفة الانتقام.
كما أن تجنيد المرأة للإرهاب يأتي في خطاب عاطفي غير عقلاني مستثمرا الخطاب الديني التقليدي الذي يعزز خضوع المرأة مثلا للزوج وطاعته والإذعان لأوامره خاصة في ظل ربط المخططين للتجنيد خضوع الزوجة للزوج بالثواب الديني.
إنما الذي تتفوق به المرأة الإرهابية على الرجل هو قوة تأثيرها في المجتمع، فهي قادرة على التأثير في محيطها الأسري بشكل قوي، ولذلك فمن المهم أن تهتم لجان المناصحة بتغيير أفكار الإرهابيات أو النساء اللاتي في تاريخهن الأسري شخص تبنى الإرهاب وتجند له،
يتم ذلك عبر برامج نفسية وتطويرية حديثة تتفوق على الوعظ بأنواعه كافة، وهي عملية ليست سهلة إنما تأثيرها قوي ويمكن في حال تحقيقها أن تحد من ظاهرة الإرهاب النسوي في بداياتها لدينا.