أشرت في المقال السابق إلى أننا نتعامل مع التراث وكأنه من الترف الحضاري، ومن موجودات الأمس، وفي الاجتماع الذي دعت إليه سمو الأميرة عادلة بنت عبدالله بن عبدالعزيز رئيسة مجلس إدارة الجمعية السعودية للمحافظة على التراث أوائل هذا الشهر لمناقشة (رصد حالة التراث)، شعرت بأن جمعية التراث المعنية بالمحافظة على التراث السعودي هي بحاجة إلى حماية ورعاية،
وذكرت أن الأمر يحتاج من الأميرة عادلة إلى خطوة قوية بأن تتقدم الصف لما تمتاز به من شجاعة ثقافية وتطالب بتحويل الجمعية إلى هيئة مستقلة للتراث لها شخصيتها الاعتبارية والاستقلالية المالية والإدارية وذكرت من الأسباب:
أولا: تعدد جهات التراث وتبعياتها، حيث تتوزع مهام التراث على وزارات وهيئات.
ثانيا: عملت معظم دول العالم على فصل التراث عن الآثار باعتبارهما كيانات ومؤسسات منفصلة في المهام ومجال الممارسة والبحث العملي، كون التراث يهتم بالمعثورات والموجودات واللسانيات الثابت والمنقول في عمر أقل من (200) سنة، أما الآثار فهو علم يهتم بالقطع والمعثورات والمباني التي يتجاوز عمرها (200) سنة وهذا الرقم الحد الفاصل بينهما، تعمل به المؤسسات التي تهتم بموجودات الإنسان وسجله الثقافي.
ثالثا: التراث مواد وسلوكيات معاشة، ينبض بالحيوية لوجود الأشخاص الذين شكلوا التراث، عاشوا فتراته ومازالوا يمارسونه كنمط معيشة قائم.
رابعا: توزع التراث بين جهات حكومية متعددة داخل وكالات وإدارات وأقسام وهذا دافع لتوحيد الإجراءات.
خامسا: يصرف على التراث ملايين الريالات وميزانيات سنوية من جهات عدة وهذه تكلفة مالية وهدرا لا مبرر له لذا لا بد من توحيد المصرف.
سادسا: مجالات التراث متعددة تتقاسمه قطاعات عدة: المباني التقليدية (القصور الملكية، القرى، الأرياف، الزخارف، الفنون المعمارية)، الأزياء، الحلي، اللهجات واللسانيات، الشعر الشعبي، الرواية، القصة، الفنون الشعبية (الرقصات، الأغاني، الأهازيج)، العادات والتقاليد (أغاني الزواج، الختان، الزراعة)، الحرف والصناعات اليدوية، والكثير مما يندرج تحت الفلكلور الشعبي أو العمارة التقليدية أو الحياة الشعبية.
لنحافظ على تراثنا لا بد من هيئة رسمية تجمع كل الألوان والثقافات المتناثرة في المناطق، تجمعها من الجهات والقطاعات لتكون في جهة واحدة تصبح المرجعية الرسمية، وتماثل الجهات والمؤسسات الدولية.