ثلاثة وثلاثون عاماً مرت على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بعد كل هذه المدة، ماذا أنجز المجلس، وماذا حقق في المقابل، ما هي الطموحات والآمال التي كان أهل الخليج العربي يعلقونها على هذه المنظومة الإقليمية والتي لم تتحقق حتى الآن؟
المتمعن لما ذكره قادة المجلس المؤسسون لهذا الكيان الإقليمي من خلال أقوالهم التي رافقت مناسبة التأسيس، يتأكد أنهم إنما غرسوا البذرة الأولى لإقامة كيان إقليمي موحّد يضم دول الخليج العربية، كيان يتمّ بالتفاهم والتوافق بعد عملية صهر لخصائص الشخصية الخليجية التي تحاصرها خصوصية الانتماء القطري الذي تكون كنتيجة طبيعية لمسار العلاقات الدولية التي فرضت هيمنتها بعد الحرب العالمية الأولى والثانية وأدت إلى تفكك الوطن العربي ومنه الإقليم الخليجي، ولتجاوز خصوصية وقوقعة الانتماء القطري كان لا بد من المرور بفترة من إعادة ربط أجزاء الإقليم، وإعادة تجميع لبناء كيان قوي يضم كل مكونات الإقليم، وقد اعتمد أسلوب التفاهم والتوافق لإنجاز سلسلة من التعاون والترابط تشمل كل مقومات الحياة ويدفع بالمجتمعات الخليجية للانصهار في مجتمع واحد يكون أساساً لكيان خليجي واحد يضم الإقليم الخليجي.
مرحلة التعاون أريد لها أن تشمل كل مقومات الدول والمجتمعات الحديثة في المجالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية والعلمية، بما فيها التعليمية والثقافية والخدمات الاجتماعية. وعلى مدار الثلاثة والثلاثين عاماً تم إنجاز الكثير من هذه الطموحات، إلا أن المرحلة التي تواجهها المنطقة ودول الخليج العربية جزء منها لا تتحمل مزيداً من الانتظار لاستكمال مسيرة التعاون، خصوصاً أن العديد بل يمكن القول بأنها جميعاً قد استكملت، ولذلك فقد رأى قادة المجلس الحاليين الذين ورثوا طموحات القادة المؤسسين، ومع استعدادهم لتلبية آمال أهل الخليج، أن الوقت قد حان للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وهو ما بشَّرَ به وقدح زناده خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والذي يتفق معه أهل الخليج العربي، لأن الانتقال إلى مرحلة الاتحاد سيعزز مسيرة مجلس التعاون ويقويها ويبرز كياناً إقليمياً يتوافق مع طبيعة المرحلة والمخاطر التي تحيق بالمنطقة والوطن العربي ككل.
واليوم وفي الذكرى الثالثة والثلاثين تعزز دعوة الاتحاد التي أطلقها الملك عبدالله بن عبدالعزيز وتكتسب زخماً قوياً خصوصاً بعد خطوات التقارب التي نلمسها بين المملكة والإمارات والبحرين، وهو ما يحفز على التحاق الدول الأخرى بهذا التحرك.