لم يكن يوم الأربعاء الذي صادف غرة رجب من هذا العام 1435هـ يوما عاديا في محافظة البكيرية، التي تشرَّفت بتكريم بعض أبنائها الأوفياء الذين سطروا ملاحم رائعة من الإخلاص والوفاء والعطاء .. وقدَّموا لمحافظتهم ولمنطقتهم ولأبنائهم الكثير والكثير..
إنَّ لكل زمن رجاله.. وهذا هو زمن المخلصين الشرفاء.. الذين يأبى التاريخ إلا أن يسطر إنجازاتهم المشرفة في تاريخ الإنسانية.. ذلك التاريخ المليء بالجرائم والحروب.. والدمار والخراب.. إلا أن الشرفاء يأبون دوماً إلا أن يخلدوا ذكرى حسنة في قلوب محبيهم.
هؤلاء الرجال.. الذين ارتبطت أسماؤهم ارتباطاً وثيقاً بالوفاء والكرم ارتباطاً وثيقاً بحب الخير للناس كلهم.. ارتباطاً وثيقاً بالعلم والمعرفة.. فطوبى لمن كانت هذه الأعمال شاهداً له في عصرنا هذا.
عندما تعظم همم الرجال تتلاشى أمامها كل الصعاب.. وتتداعى لها مراكب العطاء التي تضع غايات المجد والسؤدد فوق كل غاية.. فتزهو حقب التاريخ بأبنائها الذين سطروا لأنفسهم بمداد من نور سيراً حافلة بالعطاء الإنساني.. مفعمة بإنجازات عظيمة تتفيأ ظلالها مجتمعاتهم.. فتصبح صفحاتهم ناصعة وضاءة للأجيال القادمة.. تستشف منها دوافع سموها.. وتستنير بها في رسم حاضرها ومستقبلها.
لم يكن حفل الوفاء الذي نظمته البكيرية جديداً على أبنائها الأوفياء، لأنهم تعودوا على هذه الخصلة الحميدة، حيث سبق هذا العرس الاحتفائي أربعة أعراس تزينت بها البكيرية خلال الأعوام الماضية، وكرمت فيها الكثير من أبنائها الأوفياء.
إنَّ الأمم الراقية المتحضرة تولي قضية التكريم والتشجيع أهميةً كبيرةً.. نظراً لعلاقتها بالتطور والتقدم والازدهار عبر الإبداع والتجديد والاجتهاد والابتكار.. ذلك أنَّ تكريم العظماء في حياتهم يعد حافزاً لهم لتقديم المزيد .. ومشجعاً لإخوانهم لبذل الجاه والمال في خدمة مجتمعاتهم.. وتكريم الأحياء تجسيد لحب الناس لهم.. ووفاءً لما قدموه من جهد.. يلمسه المكرَّم ويقع في نفسه موقعاً طيباً.. ويُنسيه الجهد والبذل والتعب .. ويشاهد بأم عينيه مشاعر الناس تجاهه.. ويتيقن بأنَّ ما قدمه محل تقدير وقبول من المجتمع..
ولم تكن حروف قصيدتي التي تشرفت بإلقائها بحضرة الفيصلين لتصور جزءا من فرحي بهذا الوفاء، وسروري بذلك الاحتفاء، ولذلك قلت إنني لم أجد مقدمة لهذه القصيدة أجمل من هذا المشهد الذي يتراءى أمام عيني، مشهد رجالات البكيرية وهم يحضرون هذا العرس الوفائي الاحتفائي ليرسموا أجمل لوحات الوفاء لمن قدم وما يزال يقدم من ماله وجهده وفكره وروحه في سبيل هذا الوطن، وفداء لمحافظته الاستثنائي (البكيرية) التي بادلتهم هذه الليلة الوفاء بالوفاء.
أسأل الله العلي القدير أن يوفق القائمين على هذا التكريم لكل خير.. وأن يجزي هؤلاء المكرمين خير الجزاء.. وأن يطيل عمر الحي منهم على الطاعة والصحة والعافية.. وأن يرحم الموتى منهم برحمة واسعة.. وأن يسكنهم الفردوس الأعلى من الجنة.. وأن يغفر لجدي ماضي بن عبدالله الماضي الربيعان أحد المكرمين في هذا اليوم الاستثنائي.. وشكراً بعدد أنفاس البشر لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة القصيم.. وشكراً بعدد الأنفاس لصاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة القصيم اللذين شرَّفا الحفل بحضورهما البهي والوفي .. وشكراً بعدد حبات الرمال لأهالي البكيرية الذين جسدوا أروع صور الوفاء.. وأجمل لوحات العطاء في يوم الوفاء الخامس.. متمنياً أن تحذو بقية مدن وطننا الحبيب هذا النهج القويم في التكريم.