سعادة رئيس التحرير الأستاذ خالد المالك - حفظه الله-
بتاريخ 29 جمادى أولى 1435هـ نشرت الصحف اليومية المختلفة ومنها «الجزيرة» عن أن مجلس الشورى الموقر ينظر في مقترح قدمه عضو المجلس حسام العنقري يدعو إلى تعديل المادّة الخامسة عشرة من نظام التقاعد المدني الصادر بالمرسوم الملكي بتاريخ 29-7-1393هـ وقد نص المقترح على إحالة الموظف إلى التقاعد عند بلوغه الـ62 من العمر ويجوز بقرار من مجلس الوزراء مد خدمته حتَّى بلوغ الـ67 وأنه في حال موافقة المجلس على ملاءمة دراسة هذا المقترح سيتوجب على لجنة الإدارة بالمجلس دراسته مع عدد من الجهات الحكوميَّة كمؤسسة التقاعد والماليَّة والصحة والخدمة المدنية إلى جانب جهات أخرى يعنيها الأمر لقياس أبعاد هذا المقترح ... الخ.
حقيقة أن هذا الأمر مهمٌ للغاية؛ لأنّه يهم ويخص من بلغ من العمر عتيًّا، يخص من أمضى بخدمة هذا الوطن أربعين سنة أو تزيد وهؤلاء منهم من ينتظر هذا الوقت أيّ الإحالة على التقاعد بفارغ الصبر؛ لأنّه يحس أنّه خدم وطنه بما فيه الكفاية وينتظر الخلود إلى الراحة وحط الرحال ليتمتع بما كتب الله له من بقية في العمر ويتحرَّر من قيود الوظيفة ومجاملاتها، وهم حسب ظني الأكثر ومن هؤلاء من بدأ يتسلَّل إليهم الخوف والفزع مما ينتظرونه من الركون إلى الراحة التي لا يحبذونها، إما لأن رواتبهم التقاعدية ستنخفض كثيرًا عمَّا كان حينما كانوا على رأس العمل مما قد يؤثِّر على دخلهم وبالتالي فتهتز طلبات بيوتهم وقضاء حاجاتهم كالعسكريين أو لأنهم ممن يتصورون أن الموت قريب منهم وأن الإحالة بمثابة المرسول والتنبيه لقدوم هذا الضيف المخيف المنتظر هذا من جانب ومن آخر أهمس بإذن سعادة الدكتور حسام وأقول: ما الذي تريده من التمديد، أتريد أن يمتص العمل دماء من أشرفوا على التقاعد حتَّى النهاية وبالتالي فهم كمن يعمل من دون مقابل أو مقابل خمسمائة وسبعمائة ريال ومن ثمَّ تسلمهم إلى التقاعد من دون لحم ولا حتى عظم جفت عروق الحياة فيهم ونشفت ذاكرتهم ووهنت عظامهم هذا من جانب ومن جانب آخر كيف تريد أن نقر التمديد ولدينا عشرات الآلاف من الأبناء والبنات المؤهلين الذين ينتظرون دورهم من أجل خدمة الوطن الغالي، لا يا دكتور يجب أن تكون ذا فطنة أكثر وذا إحساس مرهف بذوي المؤهلات العاطلين منذ سنوات ورحمة بهؤلاء الذين أفنوا أعمارهم في خدمة الوطن.
أما لو قلت بتخفيض سن التقاعد 3 أو 5 سنوات لضربت الهدف من الكبد وأصبت بطن الحقيقة ومن هنا أقول: مكان اتراحك هذا يجب إقراره لمن يرغب حينما لا نجد من يشغل وظائفنا كما حصل في سني الطفرة الأولى فيما بين 1397 و1407هـ حينما اضطرت الكثير من الوزارات إلى التعاقد مع أجانب لسد الفراغات التي تركها البعض من موظفي الدَّوْلة نظرًا لاتجاههم إلى الأعمال الحرة آنذاك، علمًا أن البعض من أولئك المتعاقدين ضربوا جذورًا عميقةً في الوظيفة قد يصعب التخلص منهم.
وختامًا أرجو من المجلس الموقر البحث في تخفيض سن التقاعد نظرًا للحاجة الماسَّة لوظائفهم واحتساب سن التخفيض ضمن مدة التقاعد تدفع عائداتها من قبل وزارة الماليَّة والحمد لله نحن اليوم لدينا دخل قد لا نجد له إناء فانتهزوا تلك الفرصة الثمينة فيما نحن بحاجته، نسألك اللَّهمَّ المزيد والشكر.