ليس الشعراء وحدهم الذين تأملوا طويلا في معاني الأسماء واستنفروا مخيلاتهم، ومشاعرهم ليبحروا فيها شعرا، وإيقاعا..
الاسم جزء من الإنسان وإن لم يكن هو وحده من يتزيا به..!!،
والشاهد أن الواحد لا يحمل الاسم لوحده فهناك مئات يحملونه معه..، وليس له منه إلا الحروف، والنصيب من المعنى، غير أن الاسم هو الذي يتحلى بسمات، وصفات صاحبه..!
في مجتمعات البشر هناك أسماء تعرف بها الجماعات..، ويستدل بها إلى المناطق في خريطة الأرض، حيث ينتشرون، بحروف لغاتها، ومضامين دلالاتها..!
كثير من الأسماء بلا معان ..، وتلك الأسماء التي تتحرر ليكون معناها منبثقا من صفات حاملها، سماته، وخصائصه مهما اختلف دوره ولونه ومعتقده.. يتسم اسمه بسلوكه..!
وفي المجتمع العربي هناك أسماء أكثرها تحمل دلالاتها اللغوية معنى، ومبنى، تشتق معناها من البيئة، من صحرائها، وجبالها، ومناخها، ونباتها، وسهولها، وسهوبها، ونبعها، وسمائها، وطيورها، وحيوانها، وخلجانها، ومحاراتها، ومهنها..، بل من أخلاقها، وقيمها، وشيمها .... وأيضا من أعرافها وتقاليدها..
الاسم العربي المركبة حروفه من أبجدية الثمانية والعشرين حرفا له جماله، ووقاره، وفيه المسند إلى أسماء الخالق الحسنى، وصفاته العليا عند المسلمين منهم..
لذا رفض الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان منها يعود للجاهلية، وينم عن القسوة، أو المستهجن من الحيوان، أو الأوثان..
لأن الاسم كما أشار عليه الصلاة والسلام يكون للمرء نصيب منه..! وينبغي حسن اختياره لذا هو أحد واجبات الوالدين نحو ابنهما، وحق الولد عندهما.
ولا ينبغي أن يكون هذا النصيب نارا تلهب، أو ضعة تلحق..!
في هذا الاسم الذي يتزيا به المرء تعزيز للنفس، ودافع لقوتها، إذ كيف يكون شعور من يُنادى أميناً.. وسالماً..، ومن تُنادى صفاءً..، ووفاءً ..، وزهرة ..، ومحمدا ..، ومحمودا..، ونائفَ ..، وبتولاً..، وعزة..، وأسدا..، فاضلا..، ولينة..، وآمنة..؟!
الاسم يرفد النفس بالثقة، وبالخير، وبالنور، وبالخيرية.. والاعتزاز..
الاسم ركن من أركان ثقافة الأمم..، وهو مستودع لكثير من قواعد أبنيتها الفكرية ..، والقيمية..
أحسب أن موجات التغيير بدأت تطول الأسماء بيننا، إذ اتجه الجيل الجديد إلى أسماء مستوحاة من ثقافات أخرى، وتحرر من الكثير من الأسماء العربية التي حين تطلق تعيد للذاكرة عراقة الأمة، ومجدها الإنساني، والفكري، والحضاري، والديني.. والقيمي.. بل الأخلاقي..، فلا يقدمُ على الكذب من اسمه صادق..، ولا يَخذلُ صادياً من يُنادى بمَعين..!!
هذا ما أحالني إلى التفكير فيه تلك القائمة تردنا كل يوم بأسماء النشء الجديد..
تجدونها وغيرها بين أيديكم في مواقع التواصل، وقوائم المدارس...
أو لا تحرص المحاضن على أن تُبقى ميزةً للمجتمع العربي ولو الأسماء..؟!