شاع في الآونة الأخيرة استخدام الرقم الإفرنجي (5-4-3-2-1) على نطاق واسع وأسهمت وسائل الاتصال الحديثة في ترسيخه بين الصغار والكبار وتحوَّلت الكثير من الدوريات والصحف استخدامه بدلاً من الرقم العربي المشرقي الأصيل (1-2-3-4-5) ورغم ما كتب في القديم في هذا الموضوع وتناولته مؤلفات ودراسات وبحوث تؤكّد على أن الرقم العربي الأصيل هو الذي نستخدمه والذي بدأ التحول عنه منذ سنوات وانتشر الكلام بين البعض على أنه من أصول هندية وأن الرقم الغربي هو الرقم العربي الأصيل.
وقد درس الأمر مجموعة من الباحثين المختصين في التراث وخرجوا برؤية واضحة لا جدال فيها على أن الرقم المشرقي هو الرقم الصحيح. من أشهرهم الدكتور قاسم السامرائي الذي يرى أن الرقم العربي المشرقي هو من أصول آرامية فينيقية نبطية تدمرية ومن ثم فهو عربي الأصل والنجار.
أما الأرقام الإفرنجية فهي هندية سنسكريتية برهمية الأصل والنجار جاءت إلى الغرب عبر ترجمات كتب الحساب الهندي بجبره ومقابلته لذلك سموها أرقاماً عربية لأنها جاءتهم عبر العرب.
بل يذهب آخرون إلى القول إن العرب أخذوا من الهنود شكلين من الأرقام أحدهما المعروف بالمشرق العربي والآخر ذهب إلى المغرب العربي والأندلس ومنه إلى أوربا.
وهذا قول غير صحيح فإن المغرب العربي كان تابعاً للمشرق العربي ولم يأخذ العرب إلا شكلاً واحداً من الأرقام التي يكتب بها العرب الآن منذ الخوارزمي وانتقلت إلى المغرب والأندلس, وتبين الكثير من المخطوطات والطوابع من المغرب العربي استخدامهم للرقم العربي.
أما استخدام المغاربة بعد ذلك للأرقام الأوربية فهي نتيجة الاحتلال الإسباني ثم الفرنسي.
إن ما أرغب أن أنتهي إليه أنه من الجور أن نتخلّى عن الرقم العربي المشرقي المتوافق مع الحرف العربي والذي يتوافق جمالياً في رسمه مع رسم الحرف، في حين أن استخدام الرقم الآخر يظهر التنافر بينه وبين الحرف.
وينقل هزاع الشمري عن الدكتور أحمد مطلوب عن دراسته الأرقام العربية قوله: «إن الرقم الأوربي عربي تطور مع الحرف اللاتيني, وإن الرقم العربي أصيل تطور مع الحرف العربي وصار ملتصقاً به».
إن من المهم أن نتمسك بالرقم العربي المشرقي الجميل لأنه جزء من شخصيتنا ولأن هناك قراراً صادراً من هيئة كبار العلماء في المملكة بتاريخ 17-3-1403هـ وهناك أمر ملكي برقم 20860 في عام 1403هـ بتأييد قرار هيئة كبار العلماء.
ومن ثم يجب الالتزام بهذا الأمر، وعدم اللجوء إلى استخدام الرقم الإفرنجي كما فعلت بعض الهيئات والمؤسسات الثقافية، وكما نراه في بعض الصحف وفي المعاملات الرسمية.
لا بد من ترسيخ فكرة ارتباط الرقم العربي المشرقي، بالشخصية العربية والتراث العربي الإسلامي وأنه يجب أن لا نتخلّى عنه، والتمسك به وعدم الانسياق وراء الدعوات التي تطالب بتبديله بالرقم الإفرنجي على اعتبار أن الرقم الإفرنجي عربي كما يزعمون.