الموت حق على الجميع (ولو كنتم في بروج مشيدة)، وباستمرار يختطف الموت من دنا يومه، وهذا الأجل المغطى عجيب، لله فيه حكمة، لعل منها عمران الأرض، فلو قيل لشخص إنه سيموت بعد عشر سنوات بالتمام والكمال لتغيرت حاله كثيراً، وتنغصت حياته، وأصبح كل يوم يمضي يدنيه من أجله (في حسابه)، و يقولون عن الكبير في السن إنه على حافة القبر وإن شمسه على أطراف العسبان.
فجعنا بوفاة د. عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر صاحب المقالات والبحوث والمؤلفات.. التي عندي منها:
- رصد لسياحة الفكر 4 أجزاء.
- نز اليراع، وقصد رحمه الله أن القلم كان يصب فأصبح ينزِّ أي يسورب بالعامية التي قد تكون فصيحة.
- بعد القول قول (جزءان).
- يوم وملك (جزءان).
- دمعة حرّى - في الرثاء، يشبه كتابي الأستاذين: عبدالعزيز بن عبدالله بن خريف (حريملاء) (3 مجلدات، وحمد بن عبدالله القاضي، وقد رثى فيه كلاً من (عبدالمجيد شبكشي، عزيز ضياء، حسن آل الشيخ، صالح بن غصون، معتوق جاوه، حمد الجاسر، محمد حلمي، حسن قزاز، فهد بن سلمان، ماجد بن عبدالعزيز، أحمد بن سلمان، مصطفى مير، وأورد فيه الكثير عن المراثي وقصصها من كتاب العقد الفريد - ابن عبد ربه.
ثم أتى في آخر الكتاب بالكلمة التي ستأتي عن (رحمه الله) و(يرحمه الله) وعنوانها (رضي الله عنه ورحمه وغفر له) وجاءت في الصفحات 193 إلى 198 وذكر رحمه الله في الهامش أنها نشرت في جريدة الجزيرة في العدد 9308 في 26-11-1418هـ وأضاف رحمه الله (وكتب الصديق الشيخ أبو عبدالرحمن بن عقيل مقالاً في المجلة العربية العدد 253 في صفر 1419).
وكنت لاحظت في رثائه لعزيز ضياء قوله: (تركنا إلى رحمة الله إن شاء الله).
وذكّرته بالحديث (لا تقل اللهم اغفر لي إن شئت بل اعزم المسألة) ووجدت الملحوظة عندي في كتابه هذا ولم أعد أذكر هل أرسلتها له رحمه الله أم نسيتها لأني من نسل آدم الذي نسي فنسيت ذريته.
- النساء رياحين.
- السلام عليكم.
- شنين الدموع.
- وسم على أديم الزمن (أكثر من ثلاثين جزءاً).
- أي بني كتابه القديم المفيد.
ديوان عبدالمحسن الناصر الصالح:
ومن إعجابه - رحمه الله - بهذا الديوان الذي يشمل الفائدة ممزوجة بالدعابة (بالباء الموحدة) أن كتب له مقدمة في 60 صفحة، نعم ستون صفحة، وكتب مقدمة لكتاب الأستاذ أحمد بن عبدالله الدامغ رحمة الله (الحظ والفقر في الشعر والنثر) في 6 صفحات، وهذا الكتاب الطريف رسالة موجهة لأبي بدر حمد بن عبدالله القاضي (132)صفحة، رغم حبي لهذا الرجل وحضور جلسته فلم أعرف عن كتابه هذا حتى أهداه لي أبو بدر.
وقد كتب وكتب (رحمه الله) الشيء الكثير.
رحمه الله ويرحمه الله
هذه البدعة التي أظهرها علينا أحدهم (الله أعلم بمراده، وهي قول (يرحمه الله) بدل (رحمه الله)، وطار بها الناس، أي استعملوها كثيراً رغم ما أبانه الشيخ حمد بن محمد الجاسر رحمه الله في جريدة الرياض (6-11-1420) كما سيأتي ورغم ما أبانه الخويطر رحمه الله في جريدة الجزيرة (26-11-1418) بقوله: (رضي الله عنه ورحمه وغفر له.. منذ نعومة أظفارنا، ومنذ أن بدأنا ندرك، علمونا في المدرسة أن صيغة الماضي، فيقال رضي الله عنه، ورحمه الله، وعفا عنه، وغفر له، وتجاوز عن سيئاته، ووفقه، وشفاه، و عافاه، وتقبل منه وأراحه من تعبه، وأصلحه، وأصلح بنيه، وجعل الجنة مثواه، وهكذا؛ صيغ ألفناها، ودرجت عليها ألسنتنا، واطمأنت إليها قلوبنا، وطربت لها أسماعنا، ووجدنا هذه الصياغة في كتب الصحاح، وفي كتب الدين المعتبرة، وكتب التاريخ المقبولة.
ثم فجأة منذ خمس سنوات تقريباً، بدأت هذه الصيغ تختفي وتبعد، بمتابعة وإصرار، فبدأنا نسمع: يحفظه الله، ويغفر له، وهكذا بقية أنواع الدعاء، ولم تأت هذه الصيغ تدريجياً، بل جاءت دون تدريج، في وسائل الإعلام، وفي الصحف، وبإصرار، حتى أني في حالات متكررة وجدت أن ما أرسله للنشر، وفيه عبارة: (حفظه الله) تبدل عند الطبع بعبارة (يحفظه الله)، وقلت في نفسي: لعل بحثا أوصل إلى خطأ ما تعلمناه، وتبين أنه هناك محذورا في صياغة الماضي، وأن الصحيح هو صيغة المضارع.
ولأتأكد سألت أوسع رجال الدين علما، وأعلاهم مقاما، وأقربهم إلى التقوى وخوف الله، فقالوا إنه لا بأس بالتعبير القديم: (رحمه الله) وفكرت في الأمر، فلم أجد سبباً واضحاً لتبني هذا التعبير، وجفوة المعتاد، وبدأ الخوف ينتابني وخشيت أن تكون هذه مرحلة دسّت علينا، بغفلة منا، وأنه بعد مدة سوف نبدل (يحفظه الله) بكلمة (يحفظه الرب)، ثم بكلمة (يباركه الرب)، وبهذا ندخل نهاية الخطة، وفي دين آخر له أهله، ولهم تعبيرهم.
الحذر واجب، إذا رأينا الظاهرة، ولم نعرف أسباب مجيئها ولا مرامي أهدافها وأغراضها، وقد يخيفنا ما لا يخيف،ونخشى ما لا داعي للخشية منه، ولكن الغموض، غالبا، يثير الفزع، فرجل في الصحراء قرب غار، يسمع حركة في الظلام، فيخشى أن يكون هناك ذئب أو ضبع، ولو عرف الحقيقة لوجد أن الحركة من جرذ، فهو خاف مما لا يخاف منه، ولكنه لا يلام، بل يُحمد فعله، لأنه من باب الحذر، والحذر حزم، والحزم ممدوح.
تحدثت مع بعض الإخوان الإعلاميين، واقتنعوا بما أبديت، وبعض الإخوان الصحفيين وافق رأيهم رأيي، خاصة لما ذكرت أن حجتي تكمن فيما شرحت، ثم في الأدعية المعتبرة التي نرددها و نؤمل الأجر من ورائها، لأننا استجبنا فيها لنداء ديننا، فمثلا: نقول دائماً: صلى الله عليه وسلم، ولو قلنا: يصلي الله على النبي ويسلم، لارتفعت حواجب كثيرة متعجبة من هذا التغيير، ولتساءل الناس عن أسباب ترك ما اعتادوا عليه. ونحن في غنى عن الحياد عن جادة حفرها آباؤنا بأدوات التقوى والصلاح، والتقرب إلى الله- عز وجل- وفضلنا رأينا على رأي من جمعوا الصحاح، وأمهات كتب الدين الملأى بتكرار عبارة: (رضي الله عنه) وأخواتها من جمل الدعاء والاستغفار.
والذي أفزعني قبل أسبوع أني رأيت في إحدى صحفنا نعياً قديماً، المتوقع أن يكون الترحم فيه بما عرفناه: (رحمه الله) ولكنه غير إلى (يرحمه الله). فإذا استمر هذا التغيير في النصوص القديمة فسوف لا يبقى لها أثر لصيغة الماضي في الدعاء، وهذا أمر في نظري خطير، ومحو لصيغة دينية في التراث، لا ننبذ، أو تبعد، إلا لسبب وجيه.
والله المستعان والهادي إلى الصراط المستقيم).
- قرأتم ما قاله رحمه الله وخاصة قوله (وبدأ الخوف يتابني) وخشيت أن تكون هذه مرحلة دسّت علينا، وأنه بعد مدة سوف نبدل (يحفظه الله) بكلمة يحفظه الرب، يباركه الرب... إلخ
أبو عبدالرحمن بن عقيل
وقد علق الأستاذ محمد بن عمر بن عقيل (أبو عبدالرحمن) على كلمة د. الخويطر في المجلة العربية لعدد شهر صفر 1419، قال فيه:
(طرح معالي الوالد الكريم الدكتور عبدالعزيز الخويطر موضوعاً شيقاً عن (رحمه الله) و(يرحمه الله) في جريدة الجزيرة عدد 9308 في 26-11-1418هـ.. وقبل مجاذبة معاليه طرف الرداء أطربني في تناول الطرح الاستقرائي، رضي الله عنه، وعفا عنه، وتقبل منه، وأراحه، وأصلحه، وجعل الجنة مثواه.
قال أبو عبدالرحمن: ومثل ذلك: أيده الله، وأدام توفيقه، وشكر سعيه، وألهمه السداد، ووقاه وبيّض وجهه، وكفاه، ورزقه، ونصره، وأحسن عاقبته، وطيب ثراه، وأسبغ عليه نعمه، وخلف عليه، وأجره من مصيبته، وأجزل مثوبته، ونوّر طريقه، وتابع عليه عوائده الجميلة، وصرف عنه كل مكروه، وحقق أمنيته، وأناله مناه، وأورثه الجنة، وأرغم أنف عدوه، وأهلك الله الظلمة، وخذل الله العدو، وعجل بفرج فلان، وأزال كربته، وأقر عينه، وأنعم الله عليه وبارك فيه، وأكرمه، وأبقاه، ونسأ في أجله... إلخ؛ فكل هذه الصيغ من الماضي في نحو سيبويه أخبار، ولكنها في نحو عبدالقاهر دعاء.
وأعجبني ثانية اللفت إلى مزلق عند التحول من مألوف العرب في استعمال الخبر بمعنى الإنشاء.. هذا المزلق قد يكون باستحلاء عبارات من تقرع لهم الأجراس يوم الأحد مثل (يباركه الرب)!! وبقيت ثالثة يجب التنبيه عليها، وهي أن القوم المعبرين بالمضارع في قولهم: (يرحمه الله) عن الماضي (رحمه الله) وقعوا فيما فروا منه، لأنهم ظنوا أن التعبير بالماضي افتيات على الله، إذ أخبر المعبر عن رحمة واقعة لعبده الفلاني، ونحن لا نعلم قضاءه المغيب في عبده؟!
لكنهم إنما فروا من صيغة إلى صيغة، ولم يفروا من المعنى المشترك بينهما، إذ الماضي والمضارع كلاهما خبران، وإنما الاختلاف في الزمن!!.. إنهم في صيغة المضارع أخبروا بأن الله سيرحم عبده في المستقبل من الزمان المتصل بنطقه الأني بالخبر المضارع، فأخبروا مالا يدرون عنه من قضاء الله المغيب سيمضيه في عبده.
الشيخ حمد بن محمد الجاسر
وللشيخ حمد رحمه الله مقالة بعنوان تأملات وذكريات (جريدة الرياض 6-11-1420 ) يعلق فيها على كتاب أو بحث لمحمد عمر توفيق، ومما قاله (ومما لاحظت أثناء تصفحي لهذا الكتاب استعماله كلمة (يرحمه الله) بدل (رحمه الله)، وما أعتقد أن هذا التعبير يستعمل في عهد كتابة تلك المقالات، لأن الأستاذ محمد عمر توفيق (رحمه الله) ذو تمكن قويّ في اللغة العربية، وهو يدرك أن الفعل الماضي قد يُقْصد منه المستقبل، كما في قوله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} (1) سورة النحل، والمعنى سيأتي أمر الله، والمسلمون منذ أول وجودهم إلى عهدنا كانوا يستعملون في مؤلفاتهم ودعائهم فلان (رضي الله عنه) و(غفر له ورحمه) وأمثال هذه الكلمات التي تزخر بها كل المؤلفات العربية أربعة عشر قرنا، ولم يحدث هذا الاستعمال إلا في أيامنا الأخيرة من فئة متشددة جاهلة باللغة العربية، متوهمة أن جملة -رحمه الله- تدل على الجزم بأن الرجل مرحوم، وهم يجهلون أن المقصود بها الدعاء له بالرحمة).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته