هي أيام خير وبركة يستشرف بها العباد فضل الله وكرمه ومنته، كيف لا وهو الركن الثالث من أركان الإسلام، قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} سورة التوبة. واتباعاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم في بعث عمال جباية الزكاة واقتداء بهدي أصحابه رضي الله عنهم في جباية زكاة بهيمة الأنعام. ففي كل عام يخرج عمال جباية الزكاة في ربوع مملكة التوحيد بأمر من ولي الأمر لتنفيذ أمر الله، وهم على شكل مخيمات متنقلة تقيم بالقرب من المراعي وأماكن تربية الأنعام والمواشي بتناسق عناصري من وزارة المالية ووزارة الداخلية، حيث تنصب الخيام باستعداد متكامل الخدمات، ويقصدهم الناس بكل تفاؤل وحب لتأدية زكاة السائمة من الأنعام ودفع الزكاة المستحقة على المكلف عيناً أو نقداً. وتسهيلاً على المكلفين، ويستبشرون بهم خيراً لما فيه من إظهار لشعيرة الزكاة بشكل واقعي ملموس محبب إلى النفس وذلك امتثالاً لشرع الله واتباعاً لسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وحقيقةً أن تنقل عمال الجباية في المراعي وإقامتهم في الصحراء أمر فيه من المغامرة والجلد ما الله به عليم، وما يتعرضون له من تقلبات الطقس والأجواء وغيرها، ومع ذلك فهم يستقبلون المواطنين بكل رحابة صدر وأريحية، حيث يقام مجلس ضيافة يقصده أهل الحلال وغيرهم ويتبادلون الأحاديث والتعارف والتواصل بشكل مباشر خاصةً في أوقات المساء ما يجعل من هذه المهمة مع ما يصاحبها من مشقة وجهد أمرا في غاية الجمال والمتعة.ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «والذي نفس محمد بيده، لا ينال أحد منكم -أي: من العمال- منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه؛ بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر»، ثم رفع يديه، حتى رأينا عفرتي إبطيه، أي: بياضهما، ثم قال: «اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟» رواه مسلم.
إن عمال الزكاة ولجان الجباية مؤتمنة ومسؤولة أمام الله -جل وعز- عما تقوم به من أعمال، ومهمتهم تشريف لهم وليس تكليفاً فقط، وهم مأجورون -إن شاء الله تعالى- على عملهم ذلك إن اتقوا ربهم، وأخلصوا له النية؛ لأنهم يباشرون إقامة ركن من أركان الإسلام. وأقترح على إعلامنا العزيز وخاصةً المرئي تسليط الضوء على هذا الجانب المضيء في بلادنا، نسأل الله أن يحفظ بلادنا من كل سوء وجميع بلاد المسلمين ويوفق ولاة أمرنا للبر والتقوى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.