يشكل المنع النصي هدفاً رئيسياً للتشريعات العقابية في العالم قديماً وحديثاً، إلا أنه يمثل قبل ذلك هدفاً واضحاً ومقصداً صريحاً يدركه المتأمل في النظام العقابي الإسلامي وبخاصة في العقوبات الحدية، حيث إنها زواجر عن ارتكاب موجباتها قبل أن تكون جوابر بعد إتيانها.
يقصد بالمنع النصي، امتناع العقلاء عن إتيان الجرائم عند معرفة العقوبات المترتبة على إتيان تلك الجرائم، بينما يكون الردع بنوعيه خاصاً كان أو عاماً لاحقاً على ارتكاب الجريمة، فهو مرتبط بتنفيذ العقاب، على عكس المنع النصي المرتبط بالتجريم وإعلانه.
لقد تميزت المملكة العربية السعودية بإصدار حزمة من الأنظمة الجنائية الفريدة، إلا أن غير المتخصص قد لا يطلع عليها بسبب الآلية المتبعة لإعلانها حالياً، وبناءً عليه فقد لا يتحقق المنع النصي المنشود إلا في نطاق ضيق جداً، مما يعيق تحقيق أهم أهداف أي نظام عقابي وهو التحذير من الوقوع في المحظور.
على سبيل المثال لا الحصر، لو سألت المتخصصين فضلاً عن غيرهم، هل قرأتم نظام عقوبات نشر الوثائق والمعلومات السرية وإفشائها؟ لوجدت إجابات كثيرة بالنفي، إذاً فمن يخاطب النظام؟.
لابد لتحقيق الهدف الرئيسي من التجريم، أن تتضافر الجهود بين العديد من الجهات العدلية والأمنية والإعلامية والتربوية والاجتماعية وغيرها، إلا أن الوسيلة الأهم لتحقيق المنع النصي - في اعتقادي - تقع على عاتق هيئة الخبراء بمجلس الوزراء وهي بيت خبرة عريق ومنارة للأنظمة بالمملكة العربية السعودية، فدمج الأنظمة العقابية في كتاب واحد على أبواب وفصول يسهل الرجوع إليه كما تسهل الإضافة عليه، هي الطريقة المثلى - عالمياً - لنشر القوانين العقابية، ولعل تبني الهيئة لهذا الأسلوب يكون حافزاً لاستكمال الأنظمة العقابية المنتظرة لحماية مصالح عامة تستجد، ويستجد تهديدها باستمرار.