تعليب..!

أن تكون وجبــة معلبة أو سريعة التحضير تخوض في تفاصيل تاريخك ومكوناتك إرادات أخضعتك لتجاربها أو ثقافتها.. لتحدد تاريخاً لصلاحيتك.. وطريقة استهلاك فكرياً وعاطفياً وجسدياً.. والوضعية التي يجب أن تموت بها وعليها.. ألست مزيفاً للحد الذي لا تتعدى معه أن تكون «نكتة» ثقيلة تتكرر لن تعرف مصدرها.. ولماذا يتم تكرارها بقداسة تحولها لعقيدة أو قانون!

وخلال حياتك الطويلة ألم تتوقف للحظة وتسأل.. لماذا يجب أن تكون الأمور كما هي عليه! ولماذا عليّ أن أقبلها وأن لا أجرب شيئاً آخر دون شعور الذنب الذي يقض مضجع التبعية ليحاول أن يقنع ضميرك بجرم ما اقترفته!

لست بصدد إثارة جدلية العرف والتقاليد والعادات.. إنما تلك الأوقات الخاصة التي تكون فيها وحدك وجهاً لوجه مع حظك وقدرك.. غائم التفكير ولا تفرق بينهما.. لحظة إشعال حرب الضمير مع مفهوم الذنب والخطأ عندما يتحول الإنسان إلى آلة تدمير ذاتية.. وأمام هذه «المسخرة» يسكت العقل الذي لن يسمح له أن يتدخل لأنه متهم واعتبر «قنبلة» ما أن تتحرك.. حتى تدمرك.. مثله مثل رفض الجانب الآخر من الكون والبشر.. دون أن يمنح فرصة عرض ما لديه.. فلا تدري بأي ذريعة يتم الخرس الفكري الذي سبقه لجم الأفواه المتسائلة باعتبارها متمردة وخارجة من دائرة الجماعة.. كل ما في الأمر أن صلاح الموجود يكفي.. رغماً عن العقول الجائعة والجامحة والمكتظة أسئلة واستغراب .. كأن الاتحاد أو التمازج غير ممكن وحتى المضي جنباً لجنب كخطين متوازيين بسلام وطمأنينة واحترام المساحة.. أيضاً دون سبب مقنع أو غير مقنع!

لطالما كان المسكوت عنه والمحظور تداوله.. شهيٌ حد تحوله من أمر عابر.. إلى ضرورة.. لأنه انحرف إلى حيز الحريات.. فعندما ترى الجماهير أماكن أخرى يمكنها أن تتحمل نزق الأسئلة المحرمة.. ولا تجد في طرحها صدمة تهدد كيانها.. بل تلوكها بسماحة.. وتعددية تفسح المجال لكل الآراء.. كلٌ حسب حجته دون أن يفرض نفسه لأنه الأقوى بدعم السائد.. إنما الأقدر على الإقناع.. فإن تسرباً اجتماعياً وهجرة فكرية قد تتحول لروحية تلوح في الأفق.. عازمةٌ.. ولن تردعها نفس سياط الاتهام والإبعاد.. والحرب الكلامية التي تنال من كل ما يمكنها أن تطوله.. إن لم تحاول تزييف الواقع وتلفيق التهم في جهاد «غريب» لحماية الحماية نفسها!

إن لم تكن جاهزاً للبيان.. فلا تجنح للكذب أو التضليل.. والشجاعة أن تتنحى وتبحث.. وتبحث.. حتى تجد الحق وكيفيته.. وإلا دع النفوس ولا تزدها ضلالاً.