Thursday 12/06/2014 Issue 15232 الخميس 14 شعبان 1435 العدد

السلامة المدرسية .. الحي يحييك

منيف الضوي

كان منظر تدافع الطالبات الصغيرات مهولاً، أحذية متناثرة هنا وهناك، عباءات على الأرض، وصرخات تصم الآذان، هذا المشهد الدرامي سجلته ذاكرة الكوارث المدرسية السعودية، وتحديداً في عام 2002 م في حريق المدرسة المتوسطة رقم 31 للبنات في مكة المكرمة، والذي صدر بسببه عدد من القرارات لعل من أشهرها دمج تعليم البنين والبنات وإقالة الدكتور على المرشد، وتبرئة (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) كمتسبب في زيادة الضحايا. وما يهمنا في هذه الحادثة هو التقرير المصاحب حيث خلص تقرير التحقيق إلى أن المدرسة لم يكن بها عدد كافٍ من أجهزة الإطفاء أو إنذار الحرائق.

قبل هذا الحريق الذي راح ضحيته 15 فتاة سعودية في المدرسة وإصابة أخريات لم تعرف المدارس ـ بشكل رسمي ـ طفايات الحريق ومخارج الطوارئ، وخطط الإخلاء الوهمية، كانت مجرد اجتهادات هنا وهناك، ولكن رب ضارة نافعة فبعد الحريق تخوف مديرو التعليم على مقاعدهم وأخذوا يهتمون بهذه الأشياء أكثر من اهتمامهم بالتحصيل العلمي للطلاب والطالبات.

وفي العام المنصرم شهدت وزارة التربية والتعليم تحولاً جذرياً في مفهوم الأمن والسلامة المدرسية إذ أصدر وزير التربية والتعليم آنذاك (الأمير فيصل بن عبد الله) قراراً يقضي بإنشاء إدارة عامة تحت مسمى (الإدارة العامة للأمن والسلامة المدرسية) ترتبط تنظيمياً بمكتب سمو الوزير، كما نص القرار على إنشاء إدارات (للأمن والسلامة المدرسية) في إدارات التربية والتعليم بالمناطق والمحافظات، وترتبط تنظيمياً بمديري إدارات التربية والتعليم. وعين الدكتور ماجد الحربي مديراً عاماً لها، وهو وزملاؤه من الكوادر الوطنية التي ينطبق عليها المثل المحلي (الحي يحييك)، وسيرته العملية في إدارة المدارس السعودية في الخارج، تشهد له بذلك، ولكن يبدو أن الهيكلة الجديدة لهذه الإدارة والتي أعلن عنها مؤخراً لن ترضي طموحات 5 ملايين طالب وطالبة، فبعد أن كانت هذه الإدارة تتبع للوزير مباشرة ألحقت في الهيكلة الأخيرة بالوكيل المساعد لشؤون المباني، مع ما في هذا الإجراء من تقليص لمهام الإدارة على ما يبدو، فإدارة الأمن والسلامة لها بعد تربوي وتعليمي وتدريبي وليست مجرد أدوات اعتادت عليها المباني المدرسية، ناهيك عن غياب أدوار مهمة للأمن والسلامة في ظل انضوائها تحت الشؤون المدرسية كالمراقبة والمراجعة للأعمال والخطط وتقييمها، فكيف تقيم الإدارة نفسها؟!

إن المتتبع لوزارة التربية والتعليم يدرك أن نجاح كل فكرة جديدة وكل إدارة جديدة هو ارتباطها المباشر بالوزير، وللأسف هذا هو الواقع الذي لا نريد أن نصدقه، فالتقويم الشامل وبعده الجودة كلها شواهد على ما نقول، ومن الطبيعي أن تولي الوزارة جل رعايتها للأمن والسلامة والعمل على نشر هذه الثقافة في الأوساط المدرسية، خصوصاً وأن السنوات الأخيرة تقلص كثير من المشكلات التي كنا نعاني منها في السابق، فتعليق الدراسة وخطط الطوارئ وطفايات الحريق وصلاحيات مديري المدارس في حالات الطوارئ كلها كانت غائبة وحضرت بقوة في المشهد التربوي، مما عزز مفهوم الأمن والسلامة في المملكة ما جعلها تقارن بالكثير من الدول المتقدمة في هذا السياق.

فعلى سمو وزير التربية والتعليم (المثقف والإداري المحنك) الأمير خالد الفيصل إعادة النظر في ملفات كثيرة معلقة ومن ضمنها هيكلة الإدارة العامة للأمن والسلامة وربطها بسموه مباشرة أو بنائبه على الأقل حتى تؤتي هذه الإدارة المهمة أكلها، من أجل حماية 5 ملايين طالب وطالبة، ومن ورائهم 700 ألف معلم ومعلمة، فهل هذا كثير!