ومع زهور الربيع وإجازة الصيف وانطلاقة النفوس والبحث عن الاستجمام والراحة وتحليق أبنائنا وبناتنا مع فرحة النجاح والانتقال من مرحلة إلى مرحلة وكأنهم يهربون من كابوس كان يُخيم عليهم في فصل الاختبارات، رغم أن الحقيقة هي غير ذلك لأن الاختبارات ليست إلا تحصيل حاصل لعام دراسي كامل تزودوا به وتابعوه وسقوا أوراق اختباراتهم من العِلم ما نهلوه، والسؤال أين يمكن أن نقضي الإجازة؟ وقبل أن نركب البحر أو نحلق في الفضاء أو نقطع الدروب الطويلة نضع سؤالاً مهماً وعريضاً.. هل خططنا لهذه الإجازة؟ من بداية العام هل شارك الوالد الأبناء في اختيار منطقة الاستجمام؟ هل رصد المبلغ الذي يحتاج إليه في رحلته؟ هل يعرف جُغرافية المكان الذي سيذهب إليه من مَناخ ولغة وأمن وأمان وخلاف ذلك..؟
هل قرر الوالد الذهاب مُنفرداً إلى مكان معين وأرسل الأسرة إلى مكان آخر؟ هل شارك الزوجة والأبناء باختيار المكان؟ هل استدان من أجل رحلته ويعود ويندم على السداد؟
كل هذه الأمور إذا كانت بعشوائية فهي رحلة فاشلة، والسؤال الأهم هل تعرف على مملكته أولاً؟ هل يعرف مناطق الجمال فيها عروس المصايف الطائف، الباحة ومروجها الخضراء، أبها البهية بجبالها وخضرتها وظلها الوارف، زيارة مكة المكرمة، المدينة المنورة، جدة عروس البحر الأحمر وتلك الفعاليات المتنوعة والمنتجعات السياحية المُنتشرة على شاطئ العروس والأسواق التجارية، المنطقة الشرقية ونشاطها المكثف السياحي وشواطئها ورمالها الذهبية..؟
كل هذه الأسئلة أصلها التخطيط والدراسة والإدراك لِما حولنا، فلقد أنعم الله علينا بنعمة الأمن والأمان والاستقرار لأن الراحة النفسية في راحة الأسرة في بلدها ووطنها، هل وضع الوالد كل هذه الأمور في الحُسبان؟
إذا كانت كل هذه الأمور قد خطط لها واختار إجازة خارج المملكة فهل تأكد من حُجوزاته ومن أنظمة الدولة التي سيُسافر إليها؟
الأفضل أن نتعرف على مناطقنا أولاً مما يُعزز الانتماء والمعرفة ويضمن الأمن والأمان، التأكد قبل السفر إلى أي دولة أنها آمنة لكي لا تحصل لك مُفاجآت ويحصل ما لا يُحمد عُقباه.
إن السياحة في الداخل تحريك لتجارتنا المحلية وتنشيط أسواقنا، الفنادق، الشقق المفروشة.
نتأمل أن تكون الأسعار منافسة لكي نستقطب ونغري المواطن وحتى من دول الجوار في قضاء إجازاتهم في ربوع الوطن وإلاّ فقدنا الكثير وفضلوا السفر للخارج... وهُنا يأتي دور الهيئة العامة للسياحة التي لا تألو جُهداً في بذل كل ما من شأنه ترسيخ مفهوم السياحة التي تقوم عليها هذه الصناعة وخلق الاحترافية لدى رجال الأعمال والمستثمرين..
وضع التسهيلات الممكنة بالتنسيق مع وزارة الداخلية، وزارة التجارة، الصناعة والجهات الأخرى ذات العلاقة لوضع الأُسس والأنظمة بعيداً عن البيروقراطية لكي تُجاري وتُواكب ما يتطلبه العصر والظُروف الراهنة وأن يتم تحديثها وفق المتغيرات ونحارب الأسعار لندخل دائرة المنافسة ولكي تمضي سياحتنا قُدماً لِما نتطلع إليه جميعاً ورفع أو إزالة الحواجز عن هذه الصناعة المستقبلية التي يراهن عليها الجميع أنها دخل قومي آخر يُضاف مثل الصناعة والجمارك... ونعرف أن الهيئة العامة للسياحة قد فرغت منها مُنذ فترة كافية من خلال كتب دليل السياحة المتوافرة في الهيئة، وفي المكتبات العامة وبعض الجهات الحُكومية والشركات ومن مواقِع الهيئة العامة للسياحة في الإنترنت...
إن ما يقوم به صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والدور الكبير الذي يلعبه في هذا الصدد يُحسب له ومحل تقدير وثناء الجميع، ويعكف سموه من خلال زياراته وتفقده للمناطق السياحية والتقائه بالمسؤولين، رجال الأعمال والمستثمرين ومن خلال المنتديات والندوات التي يعقدها سموه أو المديرون التنفيذيون لكل منطقة من مناطق المملكة من أجل دفع عجلة السياحة وأخذ الاقتراحات لتطوير هذه الصناعة، كذلك من خلال الوفود التي تأتي لزيارة المملكة وما يبدون فيه من آراء وأفكار للنهوض بهذا المرفق الهام وأخذ ما هو مُفيد لنا. ومن أجل إحداث نقلة في تطوير السياحة بالشكل المأمول، مُتابعة الشقق المفروشة من حيث الأثاث والخدمات والنظافة ووفق المعايير المتعارف عليها وأن تكون وفق الأنظمة والتعليمات، حيث إن الخدمات السياحة لا تزال أقل من طموحات المواطنين والمسؤولين، وأنها في حاجة إلى تطوير، ينطبق ذلك في تطوير خدمات النقل، خاصة في توفير الباصات الحديثة من حيث الموديل والتكييف وأن تكون أكثر ملاءمة وخاصة عندما ينتهي مشروع القطار العام الذي يربط مناطق المملكة ببعضها، الأمر الذي يعزز حركة النقل بين المواطنين والمقيمين وحتى من الدول المجاورة، مما يزيد هذا الجانب حيوية وسهولة تنقل الناس بين مناطق المملكة وخاصة السياحة، تطوير استراحات الطرق إنشاء موتيلات أو غرف للإقامة بالشكل المُناسب والحديث تتوافر فيها الخدمات ماء، كهرباء، تكييف، خدمات ضيافة وتنظيف.. لتكون أكثر تنظيماً وبشكل أفضل مما هو موجود الآن من حيث البناء والتصاميم والنظافة توافر المطاعم التي تفي بحاجة المسافر وأن تكون تحت إشراف جهة صحية ومتابعة من الهيئة متابعة دقيقة وخاصة الأسعار واستمرار النوعية.
إن مفهوم ثقافة السياحة يجب علينا أن نستوعبه تماماً لكي نجاري من سبقنا في هذا المجال ونصل تدريجياً إلى الاحترافية وهذا يُلبّي ما تسعى وما تخطط له قيادتنا الحكيمة لكي تكون السياحة -إن شاء الله- دخلاً آخر وصناعة تساهم في عملية البناء والتنمية الشاملة ويعود بالنفع على الوطن والمواطن.