الحمد لله أوجد المخلوق، وأخرج المولود، وكل شيء عنده بحسبان، وقدَّر الآجال، وحدد الأرزاق، وكل ما يجري في الكون إنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، أسأله مغفرة ورحمة لجميع موتى المسلمين، وأن يُصلح ذرارينا وذرية من مات ويُعوضهم خيراً عما فات آمين، ونتذكر قول الشاعر:
هو الموت ما منه ملاذ ومهرب
متى حُط ذا عن نعشه ذاك يركب
لقد نعت محافظة الحريق ابناً من أبنائها البررة ولد فيها، فهو من مواليد 1360هـ تخرّج من مدرسة الحريق الأولى الابتدائية عام 1376هـ، وفي الفوج الثاني ممن خرّجته، ثم التحق بالمعهد العلمي بالرياض دارساً، ولم يستمر في الدراسة، إذ التحق بالوظيفة برئاسة القضاة آنذاك كاتب ضبط مرافقاً لفضيلة الشيخ محمد بن سليمان بن محمد آل سليمان - يرحمه الله - حينما عُيّن قاضياً بمحكمة وادي الدواسر، وتنقل مع فضيلته في مهمات رسمية تتعلق بالقضاء، ثم انتقل للعمل بمحكمة محافظة الحريق بعد فترة قصيرة من عمله ذاك، لرغبته في خدمة أبيه وأمه، وقربه منهما، وكان والده - يرحمه الله - يشتغل بالتجارة ويُداين البادية والحاضرة، ولمساعدة أبيه نحو هذا وباشر العمل في محكمة الحريق كاتب ضبط، وعاصر جمعاً من القضاة ممن تعاقبوا على قضاء محافظة الحريق، وكل منهم يشهد له بالإخلاص، والانضباط، والجد، والنزاهة، يسهّل أمور مراجعيه، ثم عمل كاتباً بكتابة عدل محافظة الحريق فترة طويلة، وتمت إحالته على التقاعد، لبلوغه السن النظامية، وخلَّف بعده كنزاً وفيراً من الوثائق سُطرت بخطه تمت بين أطراف من سندات، ومبايعات، وإقرارات، وشهادات، وتفويضات بلا أجر من أصحابها إلا من الله سبحانه وتعالى، وكل يُلهج له بالدعاء ولوالديه سواء من أصحاب العلاقة أو المطلعين عليها.. كاتب يكتب بالعدل ممتثلاً قول الرب سبحانه وتعالى: {وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ}، ومع هذا كان يقضي حوائج الناس بماله، وجهده، ووجاهته بين أهالي محافظة الحريق محترماً مقدراً منهم، مرضيّاً منهم محل ثقة وأمانة من الجميع. وكان يقوم رسمياً بإمامة جامع مسجد الحزيمية بالحريق الجامع الثاني المشيد على حساب الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد العزيز الزير.. نشأ باراً بوالديه قوي الصلة والمحبة من إخوانه، وأسرته، وجيرانه، وزملائه، ويسعى جاداً في تحقيق مصالح محافظة الحريق مع غيره، ومؤسساتها الحكومية، عفيف اللسان، لا لدود ولا حسود، ولا حاقد، ولا منابز بألقاب، قليل المزاح، مورد عذبٌ، ناصح واضح أحسبه كذلك والله حسبي وحسيبه. لم يُمهله المرض طويلاً، إذ أُصيب بمرض عضال، ولم يطل بعده، إذ لم يتجاوز أسابيع من الشهر، إذ اُكتشف مرضه من قبل مستشفى الملك خالد الجامعي بالرياض وتلقى العلاج به، وأذكر ما قاله أبو ذويب الهذلي:
وإذا المنية أنشبت أظفارها
ألفيت كل تميمة لا تنفع
لازم السرير الأبيض فيه، وآل إلى غيبوبة تامة قبل مماته، أسأل الله تخفيف الذنوب، وزيادة الحسنات وإن عظم البلاء مع عظم الجزاء. إنه أخي من الرضاعة عبد الرحمن بن علي بن عبد الله المسعود المتوفى في مستشفى الملك خالد الجامعي بمدينة الرياض بتاريخ 4/8/1435هـ، وصُلي عليه في مسجد الملك خالد بالرياض بعد صلاة الظهر، وصلى عليه جمع غفير من أهالي محافظة الحريق، ومن جاورها، وتتبع جنازته جمع كبير ودُفن بمقبرة أم الحمام أرجو أن يُستجاب دعاؤهم وشفاعتهم فيه.
والعزاء مني لأولاده خالد وإخوانه، وأخواته، وأحفاده، وأسباطه، ولأشقائه الشيخ عبد الله، ومحمد، وعبد العزيز، وسعد وسليمان، ولأولادهم جميعاً، ولعموم أسرة المسعود في محافظة الحريق، والرياض، والدمام، والمزاحمية، ولأنسابهم وأخواله الشيخ - عبد الله بن إبراهيم بن أحمد الزعاقي وجميع أسرة الزعاقي في محافظة الحريق، والخرج، والرياض، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.