ما يحصل في العراق اليوم يذكرنا بما كان قد حدث في عام 2003م، حينما انهارت القوات العراقية المسلحة أمام اجتياح القوات الأمريكية والبريطانية.
طبعاً لا القوات العراقية في ذلك الوقت بمستوى القوات العراقية الحالية التي تفتقد الخبرة والمهارة ومشتتة الولاء، ولا القوات المهاجمة في ذلك الوقت (الأمريكية والبريطانية) التي تتفوق في كل شيء على القوات التي تجتاح المحافظات العراقية (مليشيات داعش والمتحالفون معها)، إذ ان كل المقاييس مختلفة، وموازين القوى مختلفة، فلا الأسلحة متشابهة ولا المقاتلون، إلا أن هناك تطابقاً فيما يحصل للقوات العراقية، ومثلما ترك المقاتلون في جيش صدام حسين وحداتهم التي حاولت صد الهجوم الأمريكي - البريطاني، وخلعوا بزاتهم العسكرية وتوجهوا إلى منازلهم، يتكرر المشهد نفسه، إذ يترك جنود نوري المالكي وحداتهم ويخلعون ملابسهم ويتجهون إلى منازلهم، أكثر من ذلك فإن ضباط جيش المالكي أظهروا تخاذلاً وجبناً لم نشاهده عند ضباط صدام حسين، فقادة الوحدات العسكرية والأمنية في الموصل وجميعهم يحملون على أكتافهم رتب (الفريق) فروا قبل جنودهم.
هذا الانهيار ينبىء باندحار قوات نوري المالكي وتسليمها ليس المحافظات الغربية بل إن هناك خشية من تواصل القوات المهاجمة والتي ظهر أنها تخضع لقيادة عسكرية محترفة تضم قادة الجيش العراقي السابق، فبالإضافة إلى مليشيات داعش تأكد انضمام كتائب من الجيش العراقي السابق (جيش صدام حسين)، وإن صور عزة ابراهيم الدوري قد ظهرت إلى جانب رايات داعش ورايات العشائر العراقية، والتي يسير خلفها مقاتلون من مختلف التنظيمات والعشائر التي تناصب نوري المالكي وحلفاؤه العداء، ولهذا فإن القول إن داعش هي التي استولت على المناطق التي انتزعت من قوات المالكي ليس دقيقاً، فالهجوم الذي يقترب من بغداد شيئاً فشيئاً يؤكد بأن من يقوده ضباط محترفون وليس قادة مليشيات، وهكذا أصبحت القوات المهاجمة قريبة جداً من بغداد، فقد دخلت مدينة جلولاء وهي مركز قضاء كبير تابع لمحافظة ديالى، ويعتقد كثير من المراقبين أن بعقوبة التي تبعد أقل من 80 كيلو ستسقط في حوزة القوات المهاجمة التي أصبحت تطوق بغداد، فهي موجودة في سامراء وبيجي، والآن تستعد لدخول بعقوبة، وهذا ما دفع قوات المالكي إلى تعزيز دفاعاتها عن بغداد ووضع خطة أمنية لتحصين العاصمة.
إلا أن المتابعين للشأن العراقي لا يتوقعون نجاحاً لأي خطة أمنية أو عسكرية؛ لأن عناصرها غير متوفرة؛ إذ إن المقاتلين وقادتهم سرعان ما يفرون ويتركون قواعدهم ومراكزهم عندما تصل أولى طلائع المهاجمين، والذين يعرفون تماماً كيف يتحركون، لأن من يقودهم كانوا ضباطاً في جيش صدام حسين، وان تحدث الجميع عن ميليشيات داعش التي استعملت كواجهة.