تبنى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الهجوم الذي استهدف الشهر الماضي منزل وزير الداخلية لطفي بن جدو وأسفر عن مقتل أربعة حراس وجرح اثنين، حيث قال التنظيم في بيان له، لم يتسن الى الآن التأكد من صحته، بأن «اسودا من محافظة القيروان، وسط البلاد، انطلقوا لاغتيال الوزير إلا إنه أفلت من العملية، وتوعد التنظيم الوزير بالقتل تبنى في البيان نفسه، الهجوم الذي استهدف وحدة من الجيش التونسي في جبل الشعانبي الحدودي مع الجزائر في أغسطس الماضي، والذي أسفر عن مقتل ثمانية من أفراد الجيش آنذاك، معترفاً بوجود من أسماهم «المجاهدين بجبل الشعانبي».
وبحسب البيان فإن العمليات التي تقع في تونس «لا تستهدف الشعب التونسي المسلم بأي اعتداء»، معتبراً أن أي عمل يمس المدنيين هو «عمل قذر تتولاه أجهزة القمع التونسية ثم تنسبه للمجاهدين لتشويه صورتهم».
من جهته، عزا الخبير الإستراتيجي في الشؤون الأمنية والعسكرية مازن الشريف تبنّي تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي للهجوم على منزل وزير الداخلية لطفي بن جدّو الى كون التنظيم يستشعر في الوقت الراهن كثيراً من القوة بفضل عملية داعش الأخيرة في العراق التي منحته مزيداً من الثقة والشجاعة، مبيناً أن تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي كان ينتظر الأمر بإعلان تبنّي العملية المذكورة، وجاء ذلك مباشرة بعد تحرّك داعش في العراق، وهو التنظيم الذي لم تستشرف حتى الولايات المتحدة أبعاد قوته وإمكانياته وفق المعطيات الإقليمية الجديدة، فكان أن سيطر على جزء كبير من العراق في وقت قياسي.
أمّا بخصوص تداعيات إعلان القاعدة بالمغرب العربي تبنّيها للهجوم الذي استهدف وزير الداخلية في عقر داره، الأمر الذي يعدّ سابقة للتنظيم في تونس، فقد أعرب الشريف عن أسفه للتهاون الذي تمّ اعتماده في التعامل مع ملف الإرهاب والذي أدّى الى مثل هذه النتائج الخطيرة...حيث اعتبر أن ادّعاء «نهاية الإرهاب بعد إحدى العمليات الأمنية الناجحة» كان مضحكاً، وتمّ التعامل مع الخطر المتربّص بأسلوب «الفقاعات الإعلامية» في جهل بخطورة المرحلة.
ووصف الخبير الإستراتيجي في الشؤون الأمنية والعسكرية تونس بكونها «جزءاً من تفاعل إقليمي»، موضحاً «أنه لو كان موقف السلطات التونسية من عديد القضايا أكثر ذكاء مما هو عليه لأمكن تلافي الكثير من الانعكاسات .. وكذا بالنسبة للموقف الرسمي من الوضع في مصر وليبيا». وفي الإطار ذاته دعا محمد علي العوي الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية الى عدم الخوض في تفاصيل العملية الأمنية الأخيرة ليوم الجمعة والتي أدت الى مقتل إرهابيين اثنين على أيدي أمنيين تولوا ملاحقة عناصر إرهابية كانت تحصنت بمنزل في إحدى مدن محافظة جندوبة (150 كلم شمال غرب العاصمة تونس)، حيث أفاد العروي بأن مجموعة كبيرة من الأسلحة الخطيرة وبعض الملابس العسكرية تم حجزها كانت بحوزة الإرهابيين.
وكان مصدر أمني رفيع المستوى أشار الى أن العناصر الإرهابية المتحصنة بجبل السلوم المحاذي لجبل الشعانبي (250 كلم جنوب غرب العاصمة تونس) هي من أخطر العناصر على الإطلاق، مفيداً بأنها تلقت تدريبات عسكرية وقتالية في ليبيا على يد الإرهابي أحمد الرويسي مخطط جريمتي اغتيال الشهيد شكري بلعيد وذبح الجنود الثمانية في شهر رمضان الفارط. وكشف ذات المصدر عن وجود ثلاثة أطفال ضمن عناصر الخلية الإرهابية التى قامت بـ«غزوة» منزل الوزير ابن جدو تتراوح أعمارهم بين 14 و16 سنة وينتمون الى عائلات فقيرة، مضيفاً أن الإرهابيين أصبحوا يستغلون الأطفال للقيام بمخططاتهم الإرهابية.
وأضاف موضحاً بأن الأطفال المنتمين الى الخلية الإرهابية الموجودة حالياً في جبل السلوم من محافظة القصرين هم أصيلو المنطقة وتم تجنيدهم من قبل الإرهابيين لتنفيذ جرائمهم قائلاً في هذا السياق «أطفالنا تحولوا إلى إرهابيين بسبب دمغجة عقولهم».
وتجدر الإشارة الى أن الحدود التونسية الليبية تشهد هذه الأيام حالة من الاستنفار الشامل بعد التعزيزات الأمنية والعسكرية الكبرى التي وصلت الشريط الحدودي مع الجارة ليبيا التي تعيش أزمة أمنية خطيرة، يبدو أنها دفعت العقيد محمد حجازي، الناطق باسم عملية الكرامة في ليبيا، التي يقودها اللواء خليفة حفتر، ضد ما يسميه الإرهاب وجماعات التطرف، الى تحذير دول الجوار من عمليات انتقامية قد ينفذها الإرهابيون، خاصة في تونس والجزائر معللاً ذلك بأن المجموعات المتشددة تسيطر على المعابر والمنافذ الحدودية.