أردت أن أخترع طريقة لمعرفة قياس شجاعة المواطن السعودي أمام كثرة المشاكل التي تتكوم فوق رأسه خصوصاً في فصول معينة من فصول السنة، المواطن السعودي كائن غريب جداً بالنسبة للذين يعنيهم أمره، كأنهم لا يعرفونه ولا يعرفون مشاكله واحتياجاته، المواطن السعودي كائن غريب وغير موجود على أرض الواقع لذلك فالمسؤولون عنه لم يضعوا خططاً استراتيجية لمستقبله، لم يستطيعوا تقدير احتياجاته أو تجهيزه للقيام بخدمة نفسه بنفسه،
كأنه لا يحتاج بنية تحتية، لا يحتاج إلى طرق برية معبدة بشكل جيد لأنه من خلال الواقع الافتراضي للمواطن السعودي يتضح أنه سيكون يملك أجنحة تمكنه من الطيران، فلا يبدو انه بحاجة لسكك حديدية أو قطارات أنفاق أو وسائل نقل جيدة أو أحياء لا تغرقها السيول فيعجز أن يخرج من سيارته حتى يغرق هو وأبناؤه فيها.
لكي تفهموا كلامي بشكل جيد، سأضرب لكم مثلاً، لنوعية من المسؤولين في قرارات كثيرة جداً وردت في وقت واحد تدل على أن المواطن كان يعاني منها مجتمعة فوق رأسه في وقت واحد، هؤلاء المسؤولون لايستوعبون أن المواطن السعودي هو شخص واحد فقط لا يملك أكثر من روح واحدة فقط، إذا خرجت هذه الروح لا يمكن استخدام روح أخرى بديلة، يبدو أن بعض المسؤولين يعتقد بخرافة أن المواطن السعودي يمتلك سبع أرواح وهو غير موجود على أرض الواقع بل هو كائن افتراضي، في ذات اللحظة يواجه المواطن في هذا الفصل من فصول السنة مشاكل مادية بحتة، سببها تخطيط المسؤولين السيئ عنه وفكرتهم الخرافية عن عدم وجوده، حيث تركوه بنصف البحر هائماً يواجهه فوضى وفساد وانفلات ايجار السكن، وفوضى وانفلات وفساد الاسعار، إلخ من جميع أنواع الفوضى والفساد والانفلات في الكثير مما يخص مصالح المواطن السعودي، لنحسب الآن في نفس هذه الدقيقة كم يعاني ما يسمونه المواطن السعودي من خلال عدة أخبار عابرة نشرت عبر صحافتنا المحلية، التعاقد مع مورد عالمي لمنع ارتفاع أسعار السلع الرمضانية، رصد جهات حكومية تخالف الأوامر السامية في التعيين، ابن منيع يدعو الطلاب لمراعاة تقاليد دول الابتعاث، «العمل» و»الضمان الصحي»: المدارس الأهلية ملزمة بالتأمين الطبي،350 خبيراً يرسمون خارطة جديدة لكفاءة فحص المنتجات المستوردة، «الشورى» يدرس خطة لتحفيز استثمار النساء في المدن الصناعية، هذه النوعية من الأخبار وغيرها كثيرة تدل دلالة واضحة على أن اصحابها لم يكن يتوقعون أن هناك شيئاً اسمه «مواطن» قبل هذا الوقت، استيقظوا ووجدوه فجأة ثم بدأوا بالعمل كمسؤولين عنه!