كرة القدم لا تُركل بدون وطن؟؟
مخلوفي وابن طيفور والعشرات من رفاقهم كانوا يركضون في أرض فرنسا محترفين هناك. ذات يوم تأملوا «برج إيفل» يقف شامخاً في باريس فتساقطت دموعهم!!
هؤلاء الرجال بكوا لأنهم يركلون «الكرة» في غير وطنهم, يركلونها في بلد يستعمر أرضهم؟؟
حملوا حقائبهم، ووضعوا داخل كل حقيبة «كرة وحذاء». عادوا لأرضهم؛ ليعلنوا «الاستقلال».. ثورة تولد من رحم «كرة القدم». في عام 1958م كانت حرب استقلال الجزائر تشتعل، ونار أخرى تشتعل في جسد مخلوفي وابن طيفور ورفاقهم. هي المرة الأولى في تاريخهم يتمردون فيها على ألوان أنديتهم الفرنسية؛ ليلبسوا قميصاً ألوانه عَلَم الجزائر.
الفرنسيون يعرفون ماذا يعني «منتخب الوطن»؟؟
منتخب يعني استقلالاً لا أكثر..
المستعمرون زادوا في حصارهم حتى لا يشاهد أحد مخلوفي وابن طيفور يرفعان علم الجزائر!!
وسط هذا الجبروت الفرنسي لم يجد هؤلاء «الثوار» فريقاً يلعب ضدهم. كان الجميع يخشى المستعمر القوي إلا رجال «المغرب»، فأعلنوا فض بكارة الاستعمار.. المغرب حينها كان في عيون السلطة الرياضية العالمية يرتكب «الخطيئة» بلعبه ضد الجزائر؛ ليعلن «الفيفا» إيقاف المنتخب المغربي عن المشاركات الرياضية الدولية لسنوات عديدة!!
كلما فُتح باب أمام الجزائريين في كرة القدم «الفيفا» يغلقه تعاطفٌ مع المستعمر ضد الأحرار؟؟
الفرنسيون رموا رصاصة الموت رياضياً صوب كل لاعب جزائري يلعب مع منتخب بلده، فألغوا عقودهم الاحترافية في الأندية الفرنسية؛ ليضيقوا عليهم رزقهم.. كان المستعمر يؤمن بأن «الفقر» سلاح قوي لإخماد هذه الثورة الرياضية!!
وأي رجال كرجال «الجزائر»، عطروا أرضهم بدم مليون ونصف المليون شهيد.. كسروا شوكة «المستعمر»، وأعلنوا الاستقلال في 1962م. وفي العام نفسه تأسست الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، وما هي إلا سنة واحدة لا أكثر وتنكسر شوكة «الفيفا» أيضاً؛ فيقرر الاعتراف بالجزائر رياضياً.
لا يبقى إلا أن أقول:
اليوم في البرازيل يرفرف علم «الجزائر» أمام كل العالم؛ ليحكي قصة «الشموخ»، التي كتب فصولها الأولى مخلوفي وابن طيفور!!
** هنا يتوقف نبض قلمي، وألقاك بصحيفتنا «الجزيرة» كل أربعاء وأنت كما أنت جميل بروحك. وشكراً لك.