افتتح وزير العدل الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى المُلتقى الأول للمجلس الاستشاري للمحامين بأعضاء المجلس الأعلى للقضاء ورؤساء محاكم الاستئناف بالمملكة.
وقد أوضح معاليه خلال كلمته الافتتاحية أهمية دور المحامي السعودي مشيداً بكفاءته ومهنيته العالية، منوهاً بتوصيفه الحقوقي باعتباره القضاءَ الواقف، والشّريكَ الأهمَّ للمنظومة القضائيّة في إيصال العدالة، مشيراً إلى أن وزارة العدل تكفلت بتأهيل وتدريب المحامين، وأنها ترعى باستمرار هذه المهنة من خلال الدعم والإسناد وإشرافها العام، مع احترامها في ذات الوقت لضمانات استقلالها، وهي تمارس عملَها الخلاَّق على وفق أحكام الشرع والنظام.
وقد تطرق اللقاء إلى العديد من المسائل والقضايا، من بينها حصانة المحامي والمطالبة بحمايته من المنافسة غير المهنية من خلال الوكلاء أو المعقبين، وأن النص الذي أجاز لهما ممارسة الترافع أمام المحاكم في قضايا محددة جاء ليقرر نصاً لا يعدو أن يكون انتقالياً يتطلبه الظرف المرحلي في حينه، ليُراعي بداية انطلاقة العمل المهني للمحاماة، أما وقد استقر عملها ومضى على النظام أكثر من عقد من الزمن فيجب مراجعة هذا النص، وحماية المحامي المرخص من المنافسة غير المهنية والتي لربما أساءت حتى للقضاء وليس أطراف الدعوى فحسب.
وأكد بعض حضور المحامين أن 90% من عمل المحاماة ينصرف لصالح الوكلاء والمعقبين، وأن المحامين لا يحظون سوى بـ 10% فقط، ودار نقاش حول صحة هذا الرقم فيما أكد محامون آخرون أهمية دور المعقب والوكيل ليقوم بمباشرة الأعمال اليسيرة التي يصعب على المحامي التفرغ لها، ويصعب على أصحابها تكاليف المحامي لو اختص بها حصرياً.
وأشار بعض المحامين إلى أن فتح المجال للوكلاء والمعقبين جعل المحامي صاحب اقتصاديات ضعيفة وأنه لا يمتلك الإمكانات في التدريب ولا التوظيف، وأجاب حضور الوزارة بأنها تكفلت بتدريب المحامين وأن العمل المهني المتميز يجلب الاقتصاديات القوية وأنه يفترض أن تبقى المحاماة كما هي صاحبة رسالة.
وتناول اللقاء أهمية تزويد أطراف الدعوى بقرار محكمة الاستئناف وعدم حجبه عن أي منهم متى طلبه، وتمكين المحامي بالدخول في دوائر محاكم الاستئناف، وعدم منعه، وأجاب حضور الوزارة بأن قرارات محكمة الاستئناف في مرحلتها الحالية تشكل مخابرة بينها وبين المحكمة الابتدائية ولا صفة لأي من أطراف الدعوى فيها لكن القاضي متى تعلقت ملاحظة محكمة الاستئناف باستجلاء ما لدى الأطراف فإنه يتم عرض الموضوع عليهم.
أما الملحوظات الشكلية والإجرائية فإنها لا تعني أياً من الأطراف وما كان من الإجراء على أبعد الاحتمالات مع قلتها يمس الأطراف فإنه تتم إحاطتهم به أثناء مراجعة الحكم الابتدائي بناء على ملحوظات الاستئناف، وأن قرار محكمة الاستئناف يُظَهَّر على الحكم القضائي برقمه وتاريخه وأسماء مؤيديه من القضاة، وهذا كاف، أما الدخول للدوائر القضائية فإن محاكم الاستئناف في مرحلتها الانتقالية الحالية هي محكمة نظام وليست محكمة موضوع لكن عندما تتصدى للقضية فإنها تستدعي أطراف الدعوى.
وتناول اللقاء مناقشة شعار وزي المحاماة، وأكد بعض قضاة الاستئناف على أهمية تصنيف المحامين بحسب الدرجات القضائية وبحسب المواد القضائية، وتمت مناقشة أهمية العطلة القضائية التي يُعمل بها في عموم دول العالم، وأجاب حضور وزارة العدل بأنه من الأفضل والأجدى للعطلة أن تكون مفتوحة للجميع بحسب رغبة وظروف كل قاض وحتى لا يؤثر على سرعة الإنجاز القضائي في أي وقت من أوقات السنة، فالعدالة لا يمكن أن تعطل بما يؤثر على حجم إنجازها المتوازي طيلة العام.
وتم بحث خضوع القاضي والمحامي للقسم، وتمت إثارة جانب حماية المحامي السعودي من تعيين مستشارين شرعيين وقانونيين في القطاع العام والخاص غير مرخص لهم بالمحاماة، ومنع القطاع العام تحديداً من الترافع أمام الجهات القضائية إلا عن طريق محام مرخص له، وليس عن طريق إداراتهم القانونية.
كما طالب المحامون بإيجاد مدخل خاص لهم في المحاكم، وعدم خضوعهم للتفتيش وأن يتم التعامل معهم بمعاملة خاصة تقديراً لدور المحامي، وأكدت وزارة العدل على أهمية هذا الطلب وأنه في المباني الجديد روعي إيجاد مداخل وأماكن خاصة بالمحامين.
وقد أكد المحامون على الدور المهم الذي تضطلع به وزارة العدل في خدمة مهنة المحاماة وحمايتها، ورعاية شؤونها، وعلى فتح أمثال هذه الحوارات البناءة مع قيادات الجهاز القضائي.
الجدير بالذكر أن هذا اللقاءَ يمثل الملتقى الأولَّ من نوعه عربياً، وقد انتهى إلى مقترحات وتوصيات تهم مرفق العدالة.
وبعد انتهاء اللقاء أوضحت وزارة العدل أن المجلس الاستشاري يضم مجموعة من المحامين تم اختيارهم بناء على معلومات الوزارة الاستطلاعية والدقيقة عن تفاعلهم الإيجابي والمستمر مع شئون العدالة وتقديمهم للعديد من المقترحات والمبادرات والملحوظات النافعة وتسجيلهم حضوراً قوياً في هذا المجال، مما كان له الأثر في تزويد مرفق العدالة بالآراء والأفكار التي أسهمت بشكل كبير في تحديث وتطوير المرفق ودعمت بصورة مباشرة منجزات مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير القضاء خاصة المقترحات الإجرائية والتي تم اعتمادها في مشروع إعادة هندسة الإجراءات، فضلاً عن المقترحات التقنية والتدريبية، وتوفير مكملات البيئة العدلية بوجه عام، وقد تم رصد أداء كل محام تم ترشيحه لعضوية المجلس من خلال قاعدة بيانات لدى إدارة مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء، علاوة على تزويد بعض القضاة بأسماء مرشحيهم لشغل من يرونه من المحامين لعضوية المجلس الاستشاري وعرض الترشيح على المعايير المشار إليها أمام لجنة مختصة، وأن المجلس سيظل قائماً بإذن الله حتى بعد صدور نظام هيئة المحامين لأن أهدافه ومهامه تدعم صلاحيات الوزارة في مشروع الهيئة المرتقب.
وأوضحت الوزارة أن اختصاصات المجلس تنصب على التمثيل الرسمي في أمثال هذه الملتقيات المحلية، وحضور المناقشات والحوارات الخارجية ذات الصلة بالشئون العدلية ضمن الوفود القضائية أو وفد المحاماة المستقل، بعد الرفع للمقام السامي بذلك، وتقديم المقترحات والملحوظات للإسهام في الرقي بالمستوى اللائق بالعدالة، وتقديم التزكيات لذوي الشأن.
وذكرت الوزارة أنها ستزود أعضاء المجلس ببطاقات تعريفية لعضويتهم فيه، وأن المجلس الاستشاري قابل للزيادة على ضوء المعايير المشار إليها لأن الهدف هو خدمة الصالح الوطني في جانب مهم وهو تحقيق العدالة والرقي بخدماتها، وأن ما ذُكر يمثل لائحته الداخلية على ضوء صلاحيات الوزارة وسلطتها التقديرية في تطوير المرفق العدلي بما فيها الإسهام في تطوير مهنة المحاماة والإفادة من كوادرها وكفاءاتها لخدمة التحديثات العدلية في كافة محاور مشروع تطوير القضاء باستطلاع الاستشارات المهنية ذات العلاقة، والرفع للمقام السامي عن كافة الأعمال التأسيسية ومناشطها المنوه عنها وعلى الأخص المجلس الاستشاري المذكور أولاً بأول.