على امتداد العقد المنصرم، بذلت المؤسسات جهوداً حثيثة لإدخال التنوّع إلى أوساط قواها العاملة، كونه يسمح بظهور منافع عديدة، ويزيد من مستويات رضا العملاء، ويخوّل الارتقاء بمكانة الشركة في السوق، ويحسّن محصلتها النهائية.
ولكن على الرغم من ازدياد التنوّع في عدد كبير من الشركات، تكثر المؤسسات التي لم تنجح حتّى الساعة في رصد الطريقة التي ستجعلها أكثر شمولية - لتتحوّل إلى مكان يشعر فيه الناس بأنّه يتمّ تقديرهم، ويملكون فيه نفاذاً لعدد كبير من الفرص.
ولا شكّ في أنّ ما سبق يسبّب مشكلة، فلقد أظهرت البحوث أن البيئات القائمة على الشموليّة تؤدّي إلى نتائج إيجابيّة كثيرة على صعيدَي الفرد والمؤسسة، وبالتالي، قد تتراجع مثلاً حركة الموظفين المغادرين والجدد، وتتحسّن مستويات الالتزام في أوساط فريق العمل.
وتكثر الأسباب التي تجعل الشمولية المذكورة أعلاه صعبة المنال في القسم الأكبر من الشركات، وهي أسباب تنبع من المعايير الاجتماعية الراسخة، ومن تعذّر الحصول على دعم الأعضاء النافذين ضمن فريق العمل، علماً بأنّ فهم هذه المسائل بصورة أفضل قد يتطلّب النظر في ثلاث حركيات ضمن المؤسسة:
- الناس معتادون على التحرّك في محيط يضمّ أشخاصاً يشبهونهم: في المؤسسات، غالباً ما يعيّن القادة أشخاصاً يشبهونهم في مواقفهم وسلوكهم.
وبالتالي، تضم شركات كثيرة، عن غير دراية، «نماذج محققة للنجاح» تضمن استمرارية منحى قائم على التشابه. في سبيل التصدي لهذا الميل الطبيعي، من الضروري أن يطرح القادة أسئلة أعمق، على غرار «من سأعيّن من الأشخاص؟» و»من سيحصل على أعلى زيادة راتب؟» و»هل أبني علاقاتي مع أشخاص مختلفين عني؟».
- التوجهات الخفيّة لا تزول وتؤدي إلى استثناء البعض: عند تعيين موظفين ينتمون إلى أقلية، قد يختبرون أشكالاً خفيّة من التفرقة، كأن يتم استثناؤهم من الأحاديث الهامة، أو من مجموعة مستشارين خاضعة لسلطة أحد المراقبين.
- في سبيل تحييد مفعول الاستثناء، من الضروري أن يراجع القادة بفعاليّة مدى نفاذ الموظفين إلى فرص التطوّر المهني، وشبكات الموظفين، واللجان الهامة، والترشيحات لمناصب الشرف وغيرها من الفرص المتوافرة.
- الموظفون المختلفون عن المجموعة يحاولون الامتثال للمنحى السائد: غالباً ما يعتمد موظفو الأقلية إستراتيجية قائمة على الامتثال، وقد يقللون من شأن الفوارق بينهم وبين الآخرين، إلى حدّ يجعلهم يمتثلون بالصفات التي تتّصف لها الغالبيّة.
ولكن عندما يتجه موظّفون متميّزون نحو الامتثال بالمنحى السائد، يؤدّي ذلك إلى زوال التأثيرات الإيجابية للتنوّع.
في سبيل التقليل من مستويات الامتثال، من الضروري أن يتحدث القادة بصراحة عن المشاكل القائمة، وأن يشجعوا على ظهور الاختلافات.
ومن الضروري أن يطرح القادة أسئلة هامة، على غرار، «كيف كانت تجربتك كمسؤولة تنفيذية من الجنس اللطيف؟» و»كيف ندعم وجهة نظرك الفريدة بطريقة أكثر فعالية؟».
من الضروري أن يضع القادة الشمولية -وليس فقط التنوع- في طليعة جدول أعمالهم، وأن يفعلوا ذلك بجدّيّة.