يأمل مؤيدو «صكوك الأفراد» أن تخدم هذه الأداة ما هو أكثر من أغراض الاستثمار وجمع المال إذ قد تزيد الوعي بمبادئ التمويل الإسلامي.
وتعرض شركة الصكوك الوطنية الإماراتية برامج ادخار متوافقة مع الشريعة يمكن فيها للمستثمرين شراء شهادات ادخار قائمة على المضاربة ذات قيمة محدودة للغاية ولكن ذلك لا يرقى إلى مستوى الإصدار المباشر للصكوك لسوق الأفراد.
وفي ماليزيا قال جمال الدين نور محمد رئيس الأسواق الإسلامية والبديلة في بورصة ماليزيا: إن التواصل مع جهات الإصدار المحتملة «مهمة شاقة» ومن الصعب زيادة الوعي بهذا المنتج بين مستثمرين أفراد صاروا أكثر اعتيادا على أدوات أخرى مثل الأسهم. وأضاف «ما يتسم به المنتج من كونه أداة دخل ثابت لا يتناسب تماما مع عقلية مستثمرينا الحاليين.»
وقال أمير خان أفريدي المدير في لجنة الأوراق المالية والبورصات الباكستانية «نحن متفائلون للغاية حيث إن هناك طلبا على الأدوات المالية المتوافقة مع الشريعة في السوق».
وقال أفريدي «ذلك سيوفر فرصة للمستثمرين لمناقشة مفاهيم التمويل الإسلامي. وهذه النقاشات ستساعد الجمهور على استيضاح الأمر بصورة أكبر.» وتعكف شركة كهرباء كراتشي الباكستانية التي تخدم أكثر من 20 مليون مستهلك على جمع ستة مليارات روبية (57 مليون دولار) من خلال أول إصدار لصكوك الأفراد في البلاد.
وقال أفريدي: إن شركة باكستانية أخرى لم يذكر اسمها تقدمت بطلب للسماح لها بإصدار هذه الصكوك. وقال متحدث باسم كهرباء كراتشي: إن الشركة اتخذت قرارها بالإصدار بعد أن باعت سندات تقليدية للأفراد بقيمة ملياري روبية العام الماضي في إصدار تمت تغطيته بالكامل في غضون ستة أسابيع.
عقبات
هناك عقبات كبرى تحول دون نجاح إصدار صكوك الأفراد وهو ما يوضح سبب عدم ظهور هذه الأداة من قبل في ماليزيا وباكستان وكذا عدم ظهور جهات إصدار غير حكومية حتى الآن في إندونيسيا.
وفي الخليج المركز الرئيسي الآخر للتمويل الإسلامي في العالم يتم إدراج الكثير من الصكوك في البورصات وهو ما يسمح نظريا بتداول الأفراد لها ولكن الإصدارات تستهدف المؤسسات وليس المستثمرين الأفراد. وتتسبب قلة المعرفة بالصكوك في رفع تكاليف الإصدار.
فعندما أصدرت دانالنفرا ناسيونال التي أسستها وزارة المالية الماليزية لجمع التمويل اللازم لأكبر مشروع بنية تحتية في البلاد أول صكوك لها بقيمة 300 مليون رنجيت (91 مليون دولار) في يناير كانون الثاني 2013 نظمت الشركة الإصدار بصيغة تشبه الطرح العام الأولي للأسهم ولكنها اضطرت إلى عرض علاوة سعرية لجذب المشترين.
وقال جمال الدين: إن ذلك أنتج «مفهوما سلبيا» بين جهات الإصدار المحتملة. وسعت دانالنفرا إلى تصحيح ذلك في إصدارها التالي من صكوك الأفراد بقيمة 100 مليون رنجيت في أكتوبر تشرين الأول من خلال تسعير الصكوك بما يتماشى مع سوق التداول خارج البورصة التي يستخدمها المستثمرون من المؤسسات.
وذكر جمال الدين أن دانالنفرا قد تنظم إصدارين آخرين لصكوك أفراد بقيمة 100 مليون رنجيت لكل إصدار في عام 2014.
وقالت دانالنفرا في بيان: إن سوق صكوك الأفراد تحتاج مزيدا من الوقت كي تنضج. وأضافت «لا يمكن تحقيق ذلك إلا بالدعم المتواصل من جميع الأطراف بما في ذلك الهيئات التنظيمية وشركات السمسرة وصانعو السوق».
ونظرا لأن صكوك الأفراد التي تصدرها دانالنفرا مدرجة في بورصة ماليزيا يمكن للمستثمرين أن يتداولوها بسهولة نسبية. وقد يساعد ذلك على إنشاء سوق ثانوية للصكوك إذ إن المستثمرين من المؤسسات التي تشتري الصكوك في سوق التداول خارج البورصة غالبا ما يحتفظون بها حتى تاريخ استحقاقها، ومن ثم فإن التداول في السوق الثانوية يكون في أضيق الحدود.
وعلى الجانب الآخرقال خبراء: إن الشركات الخليجية من خارج القطاع المالي ضاعفت إصداراتها من السندات الدولية في السنة الماضية مقابل نفس الفترة من عام 2012 ما قد يمثل مؤشرا على تطور أسواق رأس المال بالمنطقة.
وقال مصرفيون: إن اصدارات الشركات ستزيد خلال 2014 مع استفادة الجهات المقترضة في المنطقة من وفرة رؤوس الأموال وتنوعها. وأصدرت 13 شركة خليجية مختلفة سندات بالأسواق الدولية العام الماضي مقابل ثماني شركات فقط في نفس الفترة عام 2012. . وستحصل إصدارات الشركات على دفعة كبيرة بعد تصريح مسؤولين بشركة طيران الإمارات الرائدة في دبي بأنهم سيلجأون إلى أسواق السندات للمساعدة في تمويل طلبية ضخمة لشراء طائرات جديدة قيمتها 99 مليار دولار. وقال مصرفي متخصص في أسواق الديون في دبي لخدمة آي.إف.آر «هناك إشارات على أننا سنشهد قاعدة أوسع وأكثر تنوعا لنشاط الطروحات العام القادم».
وأضاف «نحن نتحرك نحو سوق أكثر اتزانا. المؤسسات المالية المرتبطة بالحكومات سيطرت على أسواق المنطقة وكثير من الطروحات جاءت من دولتين. ونحتاج تنويع الائتمان ليكون لدينا سوق مالية نشطة وأعتقد أن ثمة علامات على أن هذا سيحدث». وعبرت عدة شركات من القطاع الخاص الخليجي عن اهتمامها بالحصول على تصنيف ائتماني العام الماضي لإصدار سندات لأول مرة.
وقال تومي تراسك المحلل الائتماني لدى ستاندرد اند بورز في دبي «نرى اهتماما أكبر واستفسارات أكثر من شركات القطاع الخاص»
وأضاف «أعتقد أن المنطقة تتطور ونمو أسواق رأس المال يحفز المزيد من الناس لدراسة هذا الخيار.»
وأشار إلى أن شركات عمانتل ومجمع دبي للاستثمار ونيكو الشرق الأوسط (توباز) حصلت على تصنيفات ائتمانية مؤخرا وإن شركات أخرى في طريقها لذلك.
كما أن زيادة إصدارات الديون من الشركات يقترن بعدد أكبر من الأسماء والهياكل غير المعتادة.
ومع تراجع طروحات القطاع المصرفي كنسبة مئوية من إجمالي الإصدارات إلى 42.7 في المئة مقابل 51.2 في المئة في نفس الفترة عام 2012 حسب بيانات تومسون رويترز يأمل مصرفيون أن يدخل مزيد من الشركات الجديدة والقديمة السوق لسد الفجوة في السنة المقبلة
من ناحية أخرى قالت وكالة «ستاندرد آند بورز لخدمات التصنيف الائتماني» في تقرير نشرته مؤخرا بعنوان «التمويل الإسلامي يمكن أن يحقق تقدماً في شمال أفريقيا»، بأن التمويل الإسلامي قادر على تحقيق تقدم في شمال أفريقيا، وذلك بعد النجاح العالمي الكبير الذي حققه على مدى العقد الماضي، بأصول إجمالية تقدر بنحو 1.4 ترليون دولار أمريكي.
ودفع العجز الكبير في الحساب الجاري وتناقص مصادر التمويل التقليدية حكومات دول الربيع العربي للنظر في الفرص التي يوفرها التمويل الإسلامي.
وقال محمد داماك، محلل تصنيف ائتماني في الوكالة: «قدمت الصيرفة المتوافقة مع الشريعة في السابق خياراً جذاباً كان في أحسن الأحوال غريباً عن المشرعين والبنوك العاملة في هذه الأسواق.
إلا أن هذا التصور قد تغير الآن وبدأ الوعي العام بالارتفاع». وأضاف داماك: «لا يزال التمويل الإسلامي متأخراً في شمال أفريقيا، إلا أن التعديلات التشريعية قد وضعت أسس العمل لنموه.
ومع ذلك، نعتقد بأن النجاح يعتمد على قدرته في تقديم منتجات بتكلفة تنافسية تضاهي أنشطة نظيراتها التقليدية».