هلَّ علينا ضيف عزيز على نفوسنا، ننتظره أحد عشر شهراً، إنه شهر رمضان المبارك.. شهر الخير والبركة والرحمة والعتق من النار، جعلنا الله وإياكم من عتقائه من النار، من صام هذا الشهر إيماناً واحتساباً وقام لياليه وإحياء أوقاته بالذكر والدعاء وقراءة القران فقد كسب وأفلح ومن فرط فيه فقد خسر.. أحبتي في الله للعبادة مواسم، ورمضان أحد هذه المواسم، وفي هذه الأيام أحب أن أنبه وأذكر بزكاة الفطر لقوله جل وعلا {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} لأنها عبادة من العبادات وقربة من القربات العظيمات، لارتباطها بالصوم الذي أضافه الله إلى نفسه إضافة تشريف وتعظيم: «إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، والعبادات توقيفية لا يجوز الزيادة فيها ولا النقصان، بل يجب أن تؤدى كما أداها رسول هذه الأمة صلى الله عليه وسلم وأصحابه الميامين من بعده والسلف الصالح، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «فرض النبي صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للفقراء والمساكين». وهي تجب على كل مسلم ومن يعول من المسلمين، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس للصلاة». وتخرج زكاة الفطر من القوت، سواء كان حبوباً أو غير حبوب، قال ابن القيم رحمه الله: (فإن كان قوتهم من غير الحبوب كاللبن، واللحم، والسمك، أخرجوا فطرتهم من قوتهم كائناً ما كان).
ومصارفها هي نفس مصارف الزكاة، ويجوز أن تدفع لواحد أو توزع.. أسأل الله العلي العظيم أن يؤفقنا وإياكم لما يحبه من القول والعمل.