رعى معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجة أمس اللقاء السنوي الثاني لأمناء المكتبات العامة في المملكة الذي تنظمه وكالة الوزارة للشؤون الثقافية وذلك بمقر المكتبة العامة بجدة.
وقد أقيم حفل خطابي بهذه المناسبة بدئ بالقرآن الكريم، ثمَّ شاهد معاليه والحضور عرضًا مرئيًّا لأنشطة بعض المكتبات العامة من مختلف مناطق المملكة.
بعد ذلك ألقى معالي وزير الثقافة والإعلام كلمة قال فيها: «الحمد الله رب العالمين القائل في محكم التنزيل (اقْرَأْ بِاسم رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإنسان مِنْ علّق (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإنسان مَا لَمْ يَعْلَمْ (5))، والصلاة والسلام على نبي الهدى ومعلم البشرية وأفضل الخلق فصاحة وعلمًا وبيانًا سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
واستشهد معاليه بقول شاعر العرب الكبير المتنبي:
أعز مكان في الدنا سرج سابح
وخير جليس في الزمان كتاب
وقول الشاعر السعودي طاهر الزمخشري:
يا بلادي حزت أعلى مرتبة.. يوم أن شيدت صرح المكتبة. وأضاف معاليه «فاذا كانت الأمم تفتخر بمنجزاتها الحضارية والتاريخية، فهي في البدء تفتخر بمكتباتها ومنجزاتها الثقافية والعلميَّة، ولهذا كثفت الدول المتقدِّمة جهودها على المكتبات وأنشأت صروحًا ومباني ضخمة وبنية تحتية متكاملة من أجل المكتبات، ذلك لانهم عرفوا أهميتها ومكانتها في حضارات الشعوب وتاريخها.
وقال معالي وزير الثقافة والإعلام: «ولعل الزمن يعيدنا إلى مكتبة تاريخية كان لها الأثر الكبير في بدء النهضة الحديثة لبلادنا ومن ذلك «مكتبة المسجد الحرام ومكتبة المسجد النبوي» وبعض المكتبات المرادفة لهاتين المكتبتين إضافة الى المكتبات الخاصَّة التي اعتنى بها أصحابها العلماء والأدباء والمثقفين، وكانت لها أدوار بارزة في النهضة العلميَّة والثقافية في المملكة، ثم أنشئت بعد ذلك مكتبة الملك فهد الوطنيَّة لتكون ملجأ للعلماء والباحثين وملتقى للمثقفين والأدباء والمهتمين وسجلاً لماضي وحاضر ومستقبل العلوم والمعارف والثقافة في المملكة إضافة إلى مكتبة الملك عبد العزيز بالحرس الوطني.
وقال معاليه: «ومن هنا تأتي رغبة وزارة الثقافة والإعلام بتطوير المكتبات التابعة للوزارة والاهتمام بها وبالمسؤولين عليها وتنظيم دورات وملتقيات وورش عمل متخصصة في إدارة المكتبات، ومن ذلك هذا الملتقى الذي يضم نخبة من المتخصصين في المكتبات من جامعة الملك عبد العزيز، وجامعة أم القرى، ومن المختصين في المكتبات التابعة لبعض الجهات الحكوميَّة وكذلك من وزارة الثقافة والإعلام».
وأشار معاليه إلى أن المكتبات التابعة لوازرة الثقافة والإعلام كانت تتبع عدة جهات ومؤسسات وقد صاحب نقلها إلى وزارة الثقافة والإعلام العديد من الصعوبات الإدارية والوظيفية، وقال: «وهو ما جعلنا نفكر بالطرق الأنسب لتطوير هذه المكتبات لتكون جاهزة للاستفادة منها ومن محتوياتها لشرائح المجتمع كافة، وبالتالي تم عقد لقاءات سابقة لعلَّ من أهمها الاجتماع الأول لمديري المكتبات العامة الذي عقد عام 1434هـ بمدينة الرياض، وتمت مناقشة القواعد التنظيمية والأعمال الفنية للمكتبات، وها نحن اليوم نناقش في هذا الملتقى عدَّة محاور يأتي في مقدمتها «المكتبة الثقافية الرقمية» حيث أصبحت من أهم الوسائل المعرفية وأهم مصادر المعلومات الحديثة، التي تمكن القارئ والباحث في أي مكان في العالم من التزود بالمعلومة دون عناء مادي أو جسدي.
وأكَّد معاليه أن وزارة الثقافة والإعلام تضع جميع إمكاناتها في خدمة هذا الملتقى حتَّى يتحقَّق له النجاح ويخرج بنتائج وتوصيات تنعكس على تطوير المكتبات وأداء المسؤولين والموظفين فيها لتقدم خدمة علميَّة وثقافية متميزة.
وختم معاليه كلمته بالشكر للحضور على استجابتهم لهذا الملتقى، كما شكر وكيل الوزارة للشؤون الثقافية الدكتور ناصر الحجيلان وجميع العاملين على نجاح هذا الملتقى داعيًا الله سبحانه وتعالى أن يوفق الجميع لخدمة بلادنا إنسانًا وأرضًا وثقافة وعلمًا.
عقب ذلك بدأ برنامج اللقاء الثاني لأمناء المكتبات العامة والحوار المفتوح «تحدِّيات الواقع وتطلعات المستقبل في المكتبات العامة».
وقدم وكيل الوزارة للشؤون الثقافية الدكتور ناصر الحجيلان محاضرة ناقش فيها الأعمال التي تقوم بها المكتبات العامة في المحافظات والمراكز ضمن مهام وكالة الوزارة للشؤون الثقافية وإبراز النشاطات الثقافية أمام الرأي العام والتواصل مع زوار المكتبات العامة، وإيجاد قنوات للتواصل مع المجتمع. بعدها قدم خبراء مختصون من الجامعات محاضرة ناقشوا خلالها التوجُّهات الحديثة في المكتبات والتطوُّرات في المجالين التقليدي والإلكتروني.
ثم قدم مدير إدارة الإعلام الثقافي أحمد بن خضر الزهراني محاضرة تناول فيها التعريف بأهمية الإعلام الثقافي ودوره في المكتبات العامة.
عقب ذلك قدم المشرف العام على الإدارة العامة للمكتبات عبد الله بن حسن الكناني محاضرة ناقش خلالها التعريف بخدمات المكتبة الثقافية الرقمية وسبل تطويرها، إضافة إلى استعراض الخطة اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية للمكتبات العامة ومناقشة الملاحظات الواردة عليها، كما تناول موضوع «تخطيط النشاط الثقافي بالمكتبات العامة.. رؤية مستقبلية «.
بعد ذلك استعرض عددًا من المختصين بالمكتبات العامة القواعد والتنظيمات الخاصَّة بالمكتبات العامة بوزارة الثقافة والإعلام.
وعقب اختتام الملتقى أوضح وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية الدكتور ناصر الحجيلان أن هذا الملتقى يأتي تتويجًا للملتقى الأول الذي عقد في الرياض وسيتم بمشيئة الله عقد هذه الملتقيات بشكل سنوي مما يتيح للمشاركين تقديم مجموعة من المعارف والمعلومات والدورات للمتخصصين في مجال المكتبات والمعلومات وإطلاعهم على آخر المستجدات التي تقدم في خدمة البحث العلمي.
وبشأن إقامة معرض للكتاب في جدة بين الحجيلان أن هناك نية لإقامة معرض للكتاب بجدة في أوائل شهر ديسمبر من كل عام وحظيت الفكرة بدعم من صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز محافظ جدة وبالتعاون مع الغرفة التجاريَّة الصناعيَّة بجدة، ووزارة الثقافة والإعلام، وبمشيئة الله تعالى تتحقق الفكرة وذلك لما سيضيفه المعرض من معارف جديدة واحتكاك ثقافي وتبادل للمعلومات.
وأشار وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية إلى أنَّه تَمَّ افتتاح مكتبة رقمية تضم 30 ألف كتاب، منوهًا إلى إمكانية زيادة هذا الرقم ليصل إلى 100 ألف كتاب في السنوات القادمة، وهي متوفرة في المكتبات العامة ومتاحة، داعيا المهتمين للاستفادة من الكتاب الإلكتروني. وعدّ الدكتور الحجيلان هذه الخطوة مبادرة أولى قامت بها الوزارة وهي حريصة على حفظ الحقوق الفكرية لهذه المواد وانتقاء نوعيات من الكتب التي تجد صدى لدي الجماهير، مبينًا أن هناك اعتبارات كثيرة تراعيها الوزارة حين انتقاء الكتب.
وأفاد أن هذا المشروع سيشهد تعاونًا مع بقية القطاعات في الدَّوْلة التي لها علاقة بالكتاب في جميع المجالات وهناك تركيز على التأليف وصناعة الكتاب المناسب للطفل وتصميم برامج تليق بخيال الطفل وتنمي المهارات التي يحتاجها.
ورأى الحجيلان أن المسرح من دون دراما يعد ناقصًا وهناك جمعية للمسرحيين السعوديين موجودة تحرص الوزارة على تطويرها وإبراز دورها الفعال، موضحًا أن هناك نية لتكوين جمعية للمسرح السعودي تخدم المجال المسرحي.