انتقلت مشكلة القبول في الجامعات من قبول الطلاب في الكليات, إلى تحقيق الرغبات في التخصصات المطلوبة لسوق العمل، يوم الأحد الماضي (ملتقى القبول في الجامعات السعودية)، التقى فيه عدد من مديري الجامعات وبعض عمداء القبول والتسجيل في الجامعات بكتاب الرأي والصحف السعودية، كان الحوار يدور حول القبول وهذا أعادنا جميعاً إلى ذاكرة الجامعات السبع، أو حتى ذاكرة ما قبل عام 1426هـ حين كان عدد الجامعات (15) جامعة قبل أن ينقلنا الملك عبدالله -يحفظه الله- إلى (38) جامعة, ومدن جامعية قد تتجاوز (30) مدينة جامعية ومجمعاً أكاديمياً و(22) مستشفى جامعياً. حديث المعالي من مديري الجامعات مقبول قبل (10) سنوات قبل برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي والمنح الداخلية, أكثر من (250) ألف متخرج ومبتعث منذ بدء البرنامج عام 1426هـ، و(70) ألف طالب في الجامعات الأهلية بالداخل، الحديث كان مقبولاً من المعالي والعمداء إذا كان الحديث فيما مضى، أما مع التغيرات النوعية من افتتاح الجامعات والميزانيات الضخمة والرعاية المباشرة من الملك عبدالله، ومع هذا الجيل الناضج والطموح فإن الحديث عن القبول أمر تجاوزه الطلاب والمجتمع لأن القبول في الجامعات لوحده لا يكفي، والدخول للجامعة لم يصبح أمنية، فالطلاب يدركون أن ثروة هذه البلاد موجهة لأبناء الوطن وأن القيادة تراهن على الموارد البشرية، وأن التخصصات الأكاديمية العلمية هي الخيار الاستراتيجي لهذا الجيل من أجل أن ينهض ببلاده.
هذا الجيل أكثر فطنة وتنبه لمستقبله لما يحمل من ثقافة بانورامية واسعة وأفق جغرافي فسيح سواء بالسفر ومشاهدة بلدان العالم مباشرة، أو السفر عبر أجهزة التواصل الاجتماعي جعلت حسه واستشرافه لمستقبله عالياً، هذا هو الذي يولد الفارق بينهم -الطلاب- وبين المخططين في الجامعات ممن هم على قمة هرم الجامعة, الذين مازالت تشغلهم قضية (تسكين) الطلاب في المقاعد, وفي أي كلية وأي تخصص المهم تسديد رقم القبول الذي أسند لهم.
نحن بهذه الطريقة المعلقة بأهداب الماضي ومشغولة بثقافة القبول حين كان المقعد مربوطاص برقم مالي لدى وزارة المالية، والتعليم الجامعي للنخب, وفكر إداري جامد تسمع منه عبارة نحن من يقرر, بهذه الثقافة التخطيطية يدفع ببلادنا للهدر المالي والبشري وفشل لمشروع بلادنا الحضارية والاقتصادية وطموح قيادتنا التي ضخت المليارات على التعليم العالي خلال (10) سنوات ما تم صرفه من أموال على الجامعات منذ تأسيس بلادنا، بل إن أموال الجامعات كانت على حساب مشروعات أخرى في بناء قطاعات: الصحة، الشؤون الاجتماعية، الصناعة، الإسكان.