كتب أزهر اللويزي عن التنافس مع الذات وندعوك لقرائته وقد أقبل شهر التنافس حيث يقول..
التنافس الأبيض المشروع الهادف الباني لا عن التنافس الاسود الإقصائي الهادم المخالف هذا التنافس الأبيض له قاعدة ربانية ينطلق منها ألا وهي قول الله تعالى في كتابه الكريم: «وفي ذلك فليتنافس المتنافسون» 26_المطففين
هذا التنافس الأبيض له طرف تخوض معه غمار المنافسة الشريفة وليس مع الآخرين كما هو شائع ومعروف، وهذا الطرف هو ذاتك
والسؤال الذي يبرز لنا ويطرح نفسه كيف أتنافس مع ذاتي؟
هو أن تكون أنت الآن بهذه اللحظة أفضل من ذاتك بالأمس وقبل أسبوع وقبل شهر وقبل عام وأعوام ، لأن من استوى يومه فهو مغبون فكيف بمن تراجع؟
وقاسمني المشاركة في التفكر بهذه الحكمة المحفزة ليس النبل التفوق على الآخرين ولكن النبل أن تتفوق على شخصيتك السابقة.
ونجد لابن الجوزي رحمه الله كلمة تلذع النفوس وتذكي حماسها وتوقظها من سباتها حينما يقول: ينبغي للعاقل أن ينتهي إلى غاية ما يُمكنه، فلو كان يتصور لأدمي صعود السماوات لرأيت من أقبح النواقص رضاه بالأرض!
واحفظ هذه الكلمة الرائعة واجعلها شعاراً لك في حياتك: إذا كنت صقراً فلا تدرج مع الدجاج!
نعم الصقور مكانها القمم والتحليق في علياء السماء بينما الدجاج يقبع في الأرض ولم يخطر بباله يوماً التحليق في السماء أو محاولة ذلك، فكذلك النفوس تتفاوت فيما بينها تفواتاً بيناً وشاسعاً صعوداً وهبوطاً في الهمم والقدرات والطاقات، فكن صقراً مُحلقاً ولا تكن دجاجة دارجة.
ونجد أن القلة هي التي تتجاوز الأثقال والجواذب وتُحلق عالياً بينما الأكثرية الساحقة تستهوي الهبوط والالتصاق بالأرض ولكي تكون في مصاف النخبة والرائدين في الحياة وعشاق قمم النجاح والمؤثرين في البشرية عليك أن تكون ذا رسالة وهدف وطموح وتمتلك روح المنافسة مع ذاتك بشعار التحسن المستمر والتجدد والفاعلية, فأحذر أن يخور عزمك ويخفت بريق حلمك وينفد شحن حماسك فيغلب عليك العجز والخمول والدعة والكسل، فرسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يكره العجز والكسل ومن قبله رب العزة جلَ وعلا، فها هو نبينا الأكرم يرفع كفيه الطاهرتين الشريفتين إلى علياء السماء ويصدح بدعاء: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل». رواه مسلم
فهيا اخلع عن ذاتك جلابيب العجز والكسل البالية وتوشَح وسام المجد المُرصَع بإنجازاتك الذي لا يُنال بسهولة ويُسر ومجان.
محمد بن أبي عامر ..قدم محمد بن أبي عامر إلى قرطبة شابًا لطلب العلم والأدب والحديث ثم بدأ حياته بأن افتتح دكانًا أمام قصر الخليفة يكتب فيه الرسائل والعرائض لأصحاب المصالح، فلفت نظر من في القصر بأسلوب كتابته وبجزالة عباراته.
ثم تدرج في الوصول للحكم فكان وكيلاً لعبد الرحمن بن الحكم المستنصر بالله ثم قاضياً لأشبيلية ثم رئيساً للشرطة الوسطى وقاد حملات الفتح وانتصر فيها وقضى على الصقالبة وبعد وفاة الحكم أصبح الخليفة الفعلي للأندلس وأصبح يُدعى المنصور
وقد نقشت على قبره بعد وفاته هذه الأبيات:
آثاره تنبيك عن أخباره
حتى كأنك بالعيان تراه
تالله لا يأتي الزمان بمثله
أبداً ولا يحمي الثغور سواه
وفي دراما الحياة التي نحياها بكل تفاصيلها وأحداثها أهمس باُذنك همسة الوداع قائلاً لك: حطِم أرقامك القياسية الماضية وكرِس نفسك للتفوق على شخصية الماضي قبل يوم وشهر وعام وتقدَم إلى الأمام والريادة والنجاح والفلاح فأنت أهل لذلك.