لست مع نشر مقاطع الفديوتيب التي توثق للجريمة، ويتم عرضها في مواقع التواصل الاجتماعي، ويتم تناقلها عبر الواتس أب الذي لم يعد أحد من الناس صغاراً وكباراً، ذكوراً وإناثاً؛ إلا ويعرفه، بل ويجد بأنه عضو في «قروب» شاء أم لم يشأ، ويتعاطى مع الواتس أب، حتى بات الرفيق الذي لا يفارق، كما حدث من انتشار مقطع جريمة «أبو ملعقة» في الرياض، والذي يقال: إن مشاهداته فاقت المليون مشاهدة؛ أمّا لماذا أنا لا أحبذ رؤيتها ولا تناقلها؟ فذلك يعود لما قد تتركه من آثار نفسية على نفوس مشاهديها من الصغار، والتي قد تعمل على تشويش فطرتهم النقية السليمة، فتكون مصدرا مخربّا لبيئتهم وفكرهم، وعقولهم وتقاليدهم وتربيتهم، بل قد تصيبهم بشيء من اعتياد المشاهد القاسية، والمناظر العنيفة، التي تكون فيها الآلات الحادة حاضرة، ومناظر الدماء وهي تسيل شاهدة على عنف ما جرى، ولأني -كذلك- لا أستبعد أن يكون لها تأثيرات سلبية لاحقة على تشكيل شخصيات الصغار ودورها في قساوة قلوبهم وتحجرها، حتى يصبح العنف عندهم شيئا عاديا، وهذا ما قد يدفعني إلى تفسير تنامي حالات العنف، والمشادات عند أبواب المدارس، واستخدام الأسلحة البيضاء والنارية، عند أبسط خلافات تنشب بين مجموعات الشباب وفي تجمعاتهم، ولذلك يجب أن يكون هناك وعي لدى المجتمع بخطورة استسهال نشر تلك مقاطع العنف والجريمة على نفسيات الشباب بمختلف أعمارهم، وبخاصة الذين يعيشون صراعا مع أحوال المراهقة، وأنصح بحذفها فورا قبل رؤيتها أو الاحتفاظ بها، لأن مشاهدتها لا تحمل لذة أو متعة حتى يتم تداولها بين «قروبات الواتس أب» وفي مواقع التواصل الاجتماعي «الكيك - التويتر - الفيسبوك» ولا يمكن أن تحمل درساً في التربية أو الترفيه، بقدر ما قد تحمل دروساً مجانية في خطوات اقتراف الجريمة، وتقديمها للصغار، وقد تدفعهم نحو التقليد الأعمى دون تعقل، فجنبّوا صغاركم مقاطع الجريمة والعنف، ففي ضحكة أطفالنا كم نحن نستمتع بمشهد زرقة السماء الصافية..وفي نفوسهم نحس بهدوء البحر مع أنسام الفجر العاطرة، وفي ابتسامتهم لمعة الأنجم في ليالي الشتاء .. وفي أحاديثهم البريئة نشتم رائحة الأرض حين يقبلّها المطر، فلا تجعلونا نخسر ما تبقى عليهم ومعهم من صفاء بفعل الزمن الرديء.