سعد المواطن كثيراً واحتفى أكثر في الأسبوع الماضي بأمرين ملكيين كريمين وتاريخيين الأول إنشاء 11 استاداً رياضياً موزعة على مناطق المملكة، والآخر هو تعيين سمو الأمير المهندس عبد الله بن مساعد رئيساً عاماً لرعاية الشباب، حدثان بارزان ومهمان في الساحة الرياضية السعودية، هما بمثابة النقلة النوعية والحضارية لرياضة وشباب الوطن، وهما كذلك بقيمتهما وتأثيرهما وتوقيتهما، يؤكدان مدى حب وعناية القائد الوالد وملك العدل والبذل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - بمصلحة وحاضر ومستقبل شباب وأجيال الوطن، في مجال حيوي لا يتوقف فقط عند حدود الرياضة كمنافسة وبطولات على ألعاب رياضية، وإنما يتدخل في بناء شخصية وسلوك وثقافة وطريقة تفكير الشريحة الأكبر في التركيبة السكانية..
بناء 11 استاداً رياضياً بمواصفات عالمية في 11 منطقة من مناطق الوطن الكبير، هو قرار تنموي لخدمة المواطن في منشآت ستنعكس آثارها الإيجابية على مدى سنوات وعقود طويلة قادمة، إضافة إلى أنه تجسيد وتأكيد على أنّ المليك - رعاه الله - لديه إلمام واهتمام بمتطلبات الرياضة والشباب في وطن أصبح يسابق الزمن وتتسارع منجزاته الخيرة، ومثلما تحققت في عهده الميمون طفرة التعليم بمختلف مراحله وتحديداً الجامعي, وكذلك الصروح الطبية والمستشفيات، وتطوير العاصمة وعموم مدن ومحافظات المملكة، والطرق والمدن الاقتصادية وقبل وأهم من هذه التوسعات والمشاريع العملاقة في الحرمين الشريفين، والكثير من القرارات والأوامر السامية الكريمة في العديد من المجالات الخدماتية التي ساهمت في بناء الوطن وصناعة الإنسان السعودي المتحضر..
شخصياً أتمنى أن يتزامن مع هذه المشاريع إقرار نظام تمويل حكومي للأندية والاتحادات بميزانيات سنوية يحدد مقدارها موقع النادي وعدد الألعاب ودرجة تصنيفه، بحكم أن الأندية هي المصنع والمنتج للاعبين والمواهب، وبالتالي لن يكون لهذه المنشآت أية أهمية وقيمة إلا بتطور الأندية وتوفر الظروف والإمكانات المالية الكافية، وهذه بالمناسبة من المهام والأفكار التي نأمل من سمو الرئيس العام الجديد الأخذ بها، كخطوة ضرورية للارتقاء بفكر وممارسة ومخرجات الرياضة على مستوى الأندية والمنتخبات وبشتى الألعاب..
ابن مساعد .. القرار الصح
فيما يتعلق بتعيين الأمير عبد الله بن مساعد لرئاسة رعاية الشباب، فهو اختيار موفق وقرار حكيم في محله وفي توقيت يتطلب وجود رجل خبير ومؤهل ومتفوق بمواصفات قد لا تتوافر إلا بالأمير عبد الله، هذا الذي أثبت نجاحه وتقدير الناس له بمختلف ميولهم والإعجاب بشخصيته في كثير من المناسبات والأحداث الرياضية، قرار يأتي في مرحلة صعبة حرجة وحساسة تمر بها الرياضة السعودية المتراجعة عما كانت عليه، والمتخلفة عن دول كانت إلى وقت قريب شبه غائبة..
الأمير عبد الله الحاصل على درجة الماجستير في الهندسة الصناعية، والخبير في مجال الإدارة والاستثمار الرياضي، والناجح في إدارة ملفات معقدة، وكذلك في قيادة واحدة من الشركات الصناعية، إلى جانب سماته الشخصية التي من أهمها أنه جاد وعملي، ولديه اطلاع واسع وثقافة عالية في كثير من المجالات الرياضية والتجارية، أقول إن هذه مجتمعة تجعلنا إن شاء الله متفائلين به وبقيادته لواحدة من المؤسسات الرئيسة والمؤثرة على كيان الوطن وبناء شبابه وتنظيم طريقة أداء وإدارة رياضته..
المهمة صعبة وتحتاج من الأمير في البداية وقبل أية خطوة أخرى، العمل على إعادة هيكلة إدارات وأقسام ومكاتب الرئاسة الرئيسية والفرعية في مناطق المملكة, وأيضا أنظمة ولوائح وألعاب الاتحادات الرياضية والأندية، وجميع مكوناتها الشرفية وجمعياتها العمومية، وفي هذا الشأن أعجبني الأمير عبد الله حين أعلن أنه لن يتخذ أي قرار قبل ثلاثة أشهر، أي أنه سيتفرغ في الفترة القادمة لمراجعة وقراءة واقع الرئاسة الراهن ما لها وما عليها، الأمر الذي سيساعده على اتخاذ القرارات بهدوء وروية وموضوعية، ووفق المعطيات الحالية وما هو مفترض أن تكون عليه الأمور مستقبلاً..
من الآخر
* يغادر الأمير نواف بن فيصل منصبه وقد سجل في سنوات عمله أيام ما كان نائباً ثم رئيساً، نجاحات لا تنسى وتحديداً اهتمامه في الفترة الأخيرة بهموم ومتطلبات الشباب، وكذا منشآت الأندية، وتنظيم ومحاولة الارتقاء باللجنة الأولمبية السعودية، كما يسجل له تواصله وتفاعله مع وسائل الإعلام..
* في هذه المرحلة المضطربة والأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرة في كثير من الدول العربية، أتمنى من الأمير عبد الله بن مساعد ألا يورط نفسه ويورط الرياضة السعودية في رئاسة الاتحاد العربي الذي لا طائل منه غير الهم والغم وإهدار المال والجهد والوقت دون أية فائدة..
* من المؤسف أن نقرأ من إداريين في أندية وإعلاميين رياضيين وغير رياضيين آراء متعصبة ومتشنجة تشكك وتعترض على الأمر الملكي الكريم بتعيين الأمير عبد الله بن مساعد، لمجرّد أنه كان رئيساً وعضو شرف في نادي الهلال، ودون النظر للسمات والقدرات الشخصية والعلمية والعملية التي تظل هي الضرورية والمطلوبة لمثل هذه المناصب القيادية، خصوصاً أن الأمير عبد الله معروف بحياديته ونزاهته وأمانته, ولم تسجل ضده طيلة مشواره الرياضي أية تصرفات متهورة أو مواقف معادية أو مستفزة لأحد..
* كل عام ومليكنا وقادتنا ووطن الخير بألف خير وعز وشموخ، التهنئة للجميع بقدوم شهر رمضان المبارك، تقبل الله فيه لنا ولكم الصيام والقيام وصالح الأعمال ..