ماذا ولو وعسى!!
لماذا لا ننظر للأمور دائماً بجدية ونتخذ القرار السليم حتى لا يقع الفأس على الرأس.
وعندها ينوح النائحون وينعق المغردون ويتباكى المتباكون
ويبدأ المنظرون في طرح الأفكار والآراء الجادة والهازلة ثم تأتي القرارات الصارمة التي لو جاءت أقل صرامة مما كان لأدت إلى نتائج طيبة..
فبسبب الشحن والتوتر الاجتماعي تأتي دائماً القرارات مفاجئة وصادمة وغير متوقعة، وذلك حتى يتم امتصاص الغضبة المصاحبة لمآلات الأمور..
ولعل آخر الأحداث كانت الحملة القوية جداً على الآبار المكشوفة لردمها أو تغطيتها بعد حادثة سقوط «لمى» في بئر وادي الأسمر التي تعاطف معها المجتمع ومع أهلها.
صحيح أن ترك الآبار المهجورة مكشوفة أمر مؤسف جداً وخطير ولكن أين كنا قبل أن تسقط «لمى».
لماذا لم نلتفت لحجم الكارثة قبل ذلك؟
وبعد الحادثة جاءت الحملة القوية على الآبار عشوائية من منطلقات عاطفية فصدرت قرارات متسرعة دون ضوابط بردم أي بئر لأن الآبار أصبحت (بعبعاً) بعد حادثة «لمى»، ولو لم تتعجل الجهات المعنية مثل وزارة الزراعة والدفاع المدني وقامت بوضع الضوابط والتعليمات لأصحاب الآبار لاتخاذها للحفاظ على سلامة الأرواح ووضع الجزاءات الرادعة لكل صاحب بئر لا يلتزم بها لكان ذلك أفضل من الإغلاق والردم العشوائي لجميع الآبار.
وليست حادثة «لمى» الأولى أو الأخيرة فما حدث في سيول جدة والأمطار التي هطلت في عدد من مدن المملكة وغيرها من الحوادث لنا فيها عبرة وفائدة.
قبل سنوات سقطت لوحة دعائية بفعل الرياح الشديدة والأمطار في الرياض وسقطت على سيارة داخلها امرأة مما أدى إلى وفاتها.
فصدر قرار قوي من أمانة مدينة الرياض بإزالة جميع اللوحات الدعائية المماثلة وإزالة لوحات السطح الدعائية واللوحات الجانبية وغيرها.
لماذا يصدر هذا القرار؟ أليس ما هو أفضل منه أن نضع الضوابط الفنية وشروط السلامة لكل من يرغب في وضع لوحات مماثلة.. ففي جميع العالم توجد لوحات الأسطح واللوحات الجانبية وغيرها ولكن تنفذ بشروط سلامة صارمة ولا تمنع وإذا حدث مكروه تكون العقوبة صارمة على من لم يلتزم بالمواصفات والشروط التي تؤمن سلامة الآخرين.
ولعل أحدث القرارات التي سررت بها ما صدر من ولاة الأمر بحق المفحطين التي جعلت من التفحيط جريمة جنائية وتحويل الحالات إلى هيئة التحقيق والادعاء العام وفرض عقوبة مشددة على المفحط وهي السجن خمس سنوات وغرامة أربعون ألف ريال، وحبذا لو يضاف إليها الجلد أمام الناس ومصادرة المركبة لأن المفحطين افتروا وبالغوا في أذى الناس وقتل النفوس البريئة وإهدار المال العام والكثير من المساوئ التي لا تخفى عليكم وأتمنى التنفيذ الفوري لهذه القرارات دون شفقة أو رحمة أو (واسطة) حتى تصبح هذه الظاهرة في طي النسيان مع استمرار حملات التوعية في المدارس ووسائل الإعلام المتعددة.
وحتى على مستوى الأسرة الصغيرة وليس المجتمع الكبير تحدث مثل هذه الأخطاء وتتكرر وهي في انتظار سقوط الفأس على الرأس.
فذلك الأب الذي انشغل عن أبنائه بملذاته الشخصية مثل السفر الكثير أو السهر خارج البيت مع شلة البلوت في الاستراحات وتأتيه الصدمة الكبرى بوقوع أحد أبنائه في كارثة إدمان المخدرات بسبب رفاق السوء، فبدأ النواح واللطم والبحث عن المسئول عمن تسبب في تلك الكارثة هل هو الأب غير المبالي أو الأم المسكينة التي لا حول لها ولا قوة أم الأسرة بأكملها أم المجتمع؟
ثم تصدر تلك القرارات الصارمة على بقية أفراد الأسرة ممنوع الخروج من البيت ممنوع التواصل مع الأصدقاء ممنوع مشاهدة التلفاز ممنوع الجوال والنت وإلى آخره من الممنوعات بينما العلاج كان يحتاج إلى أقل من تلك الضغوط التي قد تؤدي للانفجار، فقليل من الاهتمام والاحتواء وبعض التوجهات الحنونة كانت ستحقق نتائج كبيرة ولكننا كالعادة نتأخر في اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب ثم تصدر القرارات الصارمة جداً بعد فوات الفوت وبعد وقوع الكوارث والمآسي وفي كثير من الأحيان يكون الوعي المجتمعي حاضراً في بعض الأحداث والقضايا وتطرح من العقلاء الأفكار والآراء لتجاوزها ووضع الحلول المناسبة لكن التفاعل الرسمي قد لا يأتي وإذا أتى يأتي بطيئاً جداً مما يؤدي لوصول المشكلة إلى الذروة.
المسألة مسألة وعي مشترك من جميع طوائف المجتمع مسئولين وأفراد للوصول إلى حلول لا أقول سريعة ولكن أقول مناسبة بقرارات معقولة وليست صارمة جداً إلا على المقصر والمتهاون الذي يجب ألا ينظر إليه بعين الرحمة والشفقة لأنه يتسبب في إهدار الأرواح والممتلكات ويضر نفسه ومجتمعه والأعجب والأدهى أن البعض يرى في اتخاذ بعض السيئين قدوة ويقول ليس فلان (فعل) وفلان (ما فعل) فحبذا لو ننظر للقدوة الحسنة فقط ونطالب بالتساوي والمعاملة الطيبة وليس في تكرار ما يؤدي إلى الكوارث والمصائب وكل ما أشرت له سابقاً توجد له صور أخرى في مجالات كثيرة في حياتنا.
فحبذا لو نبدأ في العمل الجاد للإصلاح دون البحث عن شماعات نعلق عليها أخطاؤنا القادمة أو نبدأ بالنوح والملام ونقول (لو وعسى ولعل) التي لن ينجو منها أحد حينما يقع الفأس على الرأس.