هناك توتر، فليس من السهل خوض منافسات المونديال على أرضنا كان هذا اعتراف مدرب المنتخب البرازيلي لويز فيليبي سكولاري عقب تأهل بشق النفس إلى الدور ربع النهائي لنهائيات النسخة العشرين من كأس العالم لكرة القدم. بدأ المنتخب البرازيلي مباراته أمام تشيلي بشكل جيد وبمساندة 57 ألف متفرج، لكنه بدا مشلولاً تماماً عندما أدركت جارته التعادل، وخفت بريقه أغلب فترات المباراة.
ويتساءل الجميع عما إذا أصبح دعم 200 مليون برازيلي يشكل عبئاً على اللاعبين. وقال مدافع ريال مدريد الإسباني مارسيلو مؤخراً في هذا الصدد: «نعرف ما تشكله المساندة الجماهيرية، ونعرف أيضاً المسؤولية التي تأتي معها. ضد تشيلي، كان هناك شعور بأن اللاعبين كانوا خجولين، وكل قدم مثقلة بحجم ضغوطات المشجعين من جميع مشجعيه.. وكاد المنتخب البرازيلي يدفع ثمن لامبالاته غالياً ويودع مبكراً لولا العارضة التي أنقذته من هدف محقق للمهاجم ماوريتسيو بينيا في الدقيقة الأخيرة من الشوط الإضافي الثاني!. وقال المدافع الدولي الإيطالي السابق فابيو كانافارو لصحيفة «غلوبو» البرازيلية: «بالطبع لم نشاهد أفضل ما لدى البرازيل، هناك الكثير من الضغوطات». وأضاف كانافارو المتوج مع منتخب بلاده باللقب العالمي عام 2006: «تعج صفوف المنتخب البرازيلي بلاعبين قدموا موسماً جيداً في أوروبا لكنهم لا يستغلون ذلك في مصلحتهم. يعانون من ضغوطات كثيرة. عندما يخف الضغط قليلاً، سيلعبون بشكل جيد». وتابع: ضغط اللعب على الأرض وأمام الجماهير المحلية له ثقل كبير. العارضة أنقذت البرازيل في الدقيقة الأخيرة. آمل أن يكون ذلك عبرة كي تلعب البرازيل مثل البرازيل ومثلما عودتنا دائما». ويعيش لاعبو المنتخب البرازيلي تحت ضغط رهيب فهم متابعون يوميا من بين 1500 و2000 صحافي يغطون المباريات، ولكن هناك عدة مئات يتجسسون على كل حركة في معسكر إقامة السيليساو في تيريسوبوليس. العشرات من صحافيي الإذاعة والتلفزيون يضاعفون من النقل المباشر لكل صغيرة وكبيرة. نيمار سقط وكسر في التدريبات؟ تويتر يشتعل بالتغريدات، القنوات التلفزيونية تعلن فلاشات خاصة لتخلص في الأخير.. إن الاصابة ليست خطيرة، جميع الحصص التدريبية، وحتى التمارين البدنية، تكون موضع التعليقات والدراسة والتحليل. يرزح المنتخب البرازيلي تحت هذه الضغوط لوسائل الإعلام بتركه الصحافيين يحضرون كل الحصص التدريبية، باستثناء الحصة التدريبية عشية المباراة، وذلك خلافاً للمنتخبات الأخرى التي لا تسمح للصحافيين بالتواجد أو تجعل جميع حصصها التدريبية مغلقة في وجه وسائل الإعلام. كما أن مواقع التواصل الاجتماعي حاضرة بكثافة في حياة اللاعبين، وكذلك في البريد الإلكتروني التقليدي: لاعبو السيليساو يتلقون معدل 6000 رسالة أسبوعياً. الجماهير متواجدة في جميع أنحاء محيط المعسكر التدريبي «غرانجا كوماري»، وكل تنقل وفي الملاب. وعلق مدافع برشلونة الإسباني دانيال الفيش على ذلك قائلاً: «الهدية التي يمكن أن ينالها الناس هي الجماهير». إعادة التغني بالنشيد الوطني من قبل المشجعين بعد توقف نشيده بالموسيقى الرسمية، أصبح تقليداً. وقال حارس المرمى جوليو سيزار: «انها لحظات لا توصف. نشعر بشحن للطاقة». أما نيمار فتأثر كثيراً عقب المباراة أمام تشيلي في فورتاليزا، فأجهش بالبكاء قبل انطلاق المباراة!. وتساءل النجم السابق صاحب الرقم 10 زيكو في حديث لقناة «سيليساو سبورتيفي»: «يجب أن تكون مركزا على المباراة (...) ولكن هنا (النشيد) يضر بالبرازيل. هناك لاعبون متأترين، ننسى المباراة (...) يجب أن يكون هناك المزيد من السيطرة على المشاعر». في المقابل، اعتبر القائد ثياغو سيلفا مؤخرا أن الضغط «جيد». وقال متباهياً قبل قليل من انطلاق المباراة أمام تشيلي: «لا ننزعج (...) إنه جزء من كرة القدم، إذا لم تكن هناك ضغوطات، يجب أن نغير اللعبة». وعلى غرار زملائه، لم يتمكن سيلفا من التحكم في مشاعره على ملعب مينيراو في بيلو هوريزونتي، وبحسب تصريحه، فان جميع اللاعبين يجب عليهم تغيير وظيفتهم. من جهته، قال المدرب لويز فيليبي سكولاري: «حتى اللاعبين من ذوي الخبرة يشعرون بضغط المونديال. من يقول بأنه لا يشعر به فهو يكذب. إنها مباراة مختلفة، إنها ليست مباراة مثل باقي المباريات الأخرى»، معترفاً بانشغاله «قليلاً» باللامبالاة والتردد الناجم عن هذه الضغوط والخوف من الفشل. لكنه شدد على أنه سيسعى لاستخلاص الإيجابيات من هذه التجربة. لا أحد يشك بأن جزءاً كبيراً من الاجتماعات والتدخلات الخارجية (المدربين والخبراء المحفزين، وعلماء النفس)، والتي لا يتم الكشف عنها للصحافة، ستخصص لهذه المسألة. وأضاف «علينا ضغط (...) والشعب ينتظر.. ونحن يجب أن نفعل ذلك (الفوز). قدمنا وعداً ونحاول الإيفاء به». في حال الهزيمة، هناك خطوة واحدة فقط بين الضغط والاكتئاب.